النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{بَلۡ يُرِيدُ ٱلۡإِنسَٰنُ لِيَفۡجُرَ أَمَامَهُۥ} (5)

{ بل يريد الإنسان ليَفْجُرَ أمامَه } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : معناه أن يقدم الذنب ويؤخر التوبة ، قاله القاسم بن الوليد .

الثاني : يمضي أمامه قدُماً لا ينزع عن فجور ، قاله الحسن .

الثالث : بل يريد أن يرتكب الآثام في الدنيا لقوة أمله ، ولا يذكر الموت ، قاله الضحاك .

الرابع : بل يريد أن يكذب بالقيامة ولا يعاقب بالنار ، وهو معنى قول ابن زيد .

ويحتمل وجهاً خامساً : بل يريد أن يكذب بما في الآخرة كما كذب بما في الدنيا ، ثم وجدت ابن قتيبة قد ذكره وقال إن الفجور التكذيب واستشهد بأن أعرابياً قصد عمر بن الخطاب وشكا إليه نقب إبله ودبرها ، وسأله أن يحمله على غيرها ، فلم يحمله ، فقال الأعرابي :

أقسم بالله أبو حفصٍ عُمَرْ *** ما مسّها مِن نَقَبٍ ولا دَبَرْ{[3146]}

فاغفر له اللهم إنْ كان فجَرْ ***

يعني إن كان كذبني بما ذكرت .


[3146]:النقب: قرحة تخرج من الجنب. والجرب والدبر: قرحة الدابة والبعير والقائل هو عبد الله بن كيسبة. انظر شرح ابن عقيل بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد 1/219.