في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱذۡهَبُواْ بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلۡقُوهُ عَلَىٰ وَجۡهِ أَبِي يَأۡتِ بَصِيرٗا وَأۡتُونِي بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (93)

ثم يحول الحديث إلى شأن آخر . شأن أبيه الذي ابيضت عيناه من الحزن . فهو معجل إلى تبشيره . معجل إلى لقائه . معجل إلى كشف ما علق بقلبه من حزن ، وما ألم بجسمه من ضنى ، وما أصاب بصره من كلال :

( اذهبوا بقميصي هذا ، فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا ، وأتوني بأهلكم أجمعين ) . .

كيف عرف يوسف أن رائحته سترد على أبيه بصره الكليل ؟ ذلك مما علمه الله . والمفاجأة تصنع في كثير من الحالات فعل الخارقة . . وما لها لا تكون خارقة ويوسف نبي رسول ويعقوب نبي رسول ؟

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱذۡهَبُواْ بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلۡقُوهُ عَلَىٰ وَجۡهِ أَبِي يَأۡتِ بَصِيرٗا وَأۡتُونِي بِأَهۡلِكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (93)

اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ( 93 ) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ( 94 ) قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ( 95 )

حكمه بعد الأمر إلقاء القميص على وجه أبيه بأن أباه يأتي بصيراً ويزول عماه دليل على أن هذا كله بوحي وإعلام من الله . قال النقاش : وروي أن هذا القميص كان لإبراهيم كساه الله إياه حين خرج من النار وكان من ثياب الجنة . وكان بعد لإسحاق ثم ليعقوب ثم كان دفعه ليوسف فكان عنده في حفاظ من قصب .

قال القاضي أبو محمد : وهذا كله يحتاج إلى سند ، والظاهر أنه قميص يوسف الذي هو منه بمنزلة قميص كل أحد ، وهكذا تبين الغرابة في أن وجد ريحه من بعد ، ولو كان من قميص الجنة لما كان في ذلك غرابة ولوجده كل أحد .

وأما «أهلهم » فروي : أنهم كانوا ثمانين نسمة ، وقيل ستة وسبعين نفساً بين رجال ونساء - وفي هذا العدد دخلوا مصر ثم خرج منها أعقابهم مع موسى في ستمائة ألف . وذكر الطبري عن السدي أنه لما كشف أمره لإخوته سألهم عن أبيهم : ما حاله ؟ فقالوا : ذهب بصره من البكاء . فحينئذ قال لهم : { اذهبوا بقميصي } الآية .