ثم يمضي السياق بعد الوالدين إلى ذوي القربى أجمعين ؛ ويصل بهم المساكين وابن السبيل ، متوسعا في القرابات حتى تشمل الروابط الإنسانية بمعناها الكبير :
( وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا ، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ، وكان الشيطان لربه كفورا ؛ وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها ، فقل لهم قولا ميسورا ) .
والقرآن يجعل لذي القربى والمسكين وابن السبيل حقا في الأعناق يوفى بالإنفاق . فليس هو تفضلا من أحد على أحد ؛ إنما هو الحق الذي فرضه الله ، ووصله بعبادته وتوحيده . الحق الذي يؤديه المكلف فيبريء ذمته ، ويصل المودة بينه وبين من يعطيه ، وإن هو إلا مؤد ما عليه لله .
وينهى القرآن عن التبذير . والتبذير - كما يفسره ابن مسعود وابن عباس - الإنفاق في غير حق . وقال مجاهد : لو أنفق إنسان ماله كله في الحق لم يكن مبذرا ، ولو أنفق مدا في غير حق كان مبذرا .
اختلف المتأولون في «ذي القربى » ، فقال الجمهور : الآية وصية للناس كلهم بصلة قرابتهم ، خوطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد الأمة ، وألحق في هذه الآية ما يتعين له من صلة الرحم وسد الخلة والمواساة عند الحاجة بالمال والمعونة بكل وجه ، قال بنحو هذا الحسن وعكرمة وابن عباس وغيرهم ، وقال علي بن الحسين في هذه : هم قرابة النبي عليه السلام ، أمر النبي عليه السلام بإعطائهم حقوقهم من بيت المال .
قال القاضي أبو محمد : والقول الأول أبين ، ويعضده العطف ب { المسكين وابن السبيل } . { وابن السبيل } هنا يعم الغني والفقير إذ لكل واحد منهما حق وإن اختلفا ، «وابن السبيل » في آية الصدقة أخص .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.