إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا} (26)

{ وَآتِ ذَا القربى } أي ذا القرابةِ { حَقَّهُ } توصيةٌ بالأقارب إثرَ التوصية ببرّ الوالدين ، ولعل المرادَ بهم المحارمُ وبحقهم النفقةُ كما ينبئ عنه قوله تعالى : { والمسكين وابن السبيل } فإن المأمورَ به في حقهما المواساةُ الماليةُ لا محالة أي وآتِهما حقَّهما مما كان مفترَضاً بمكةَ بمنزلة الزكاة ، وكذا النهيُ عن التبذير وعن الإفراط في القبض والبسْطِ فإن الكلَّ من التصرفات المالية { وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا } نهيٌ عن صرف المال إلى من سواهم ممن لا يستحقه فإن التبذيرَ تفريقٌ في غير موضعه مأخوذٌ من تفريق حباتٍ وإلقائِها كيفما كان من غير تعهّدٍ لمواقعه ، لا عن الإكثار في صرفه إليهم وإلا لناسبه الإسرافُ الذي هو تجاوزُ الحدِّ في صرفه ، وقد نُهي عنه بقوله سبحانه وتعالى : { وَلاَ تَبْسُطْهَا } وكلاهما مذموم .