تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا} (26)

الآية26 : وقوله تعالى : { وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل } كأن الآية ، هي صلة قوله : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا }( الإسراء : 33 )أي وقضى أن تؤتي ذا القربى حقه ومن ذكر ، أي فرض ، وحتم ، وحكم على اختلاف ما قالوا ، وهو كقوله : { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى }الآية { النساء : 36 )أمر صلى الله عليه وسلم ببر الوالدين والشكر لهما وصلة ذي القربى فريضة ومن ذكر .

ثم اختلفوا في قوله : { حقه } قال بعضهم : ذلك الحق فريضة وهو الزكاة حين{[10820]}جعل ذلك صلة ما هو فرض ، وهو الشكر لله وجعل العبادة له وشكر الوالدين جزاءا لما كان منهما إليه . وقد ذكرنا أن ذلك فرض لازم . فعلى ذلك صلة هؤلاء . إن صلتهم فريضة لما جاء من المواعيد الشديدة في قطع الرحم والترغيب في صلتهم .

ومنهم من قال : ذلك الحق نفل . ألا ترى أنه قال : { ولا تبذر تبذيرا }( وقال : ){[10821]} { ولا تبسطها كل البسط }( الإسراء/ 29 ) وقال : { وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها } ( الإسراء : 28 ) فلا يحتمل ما ذكر من الإعراض { عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها } في الفرض . دل أنه في النقل ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولا تبذر تبذيرا } قال بعضهم : التبذير والإسراف واحد ، وهو المجاوزة عن الحد الذي جعل في الإنفاق والحقوق ، والمجاوزة عن المحق وغير المحق .

روي عن ابن مسعود أنه سئل عن التبذير ، فقال إنفاق المال في غير حقه . وكذلك قول ابن عباس رضي الله عنه .

وقال بعضهم : التبذير هو الإنفاق في ما لا ينتفع به . ويحتمل ما ذكرنا أنه يترك الإنفاق على المحق ( وهو ذو ){[10822]} القربى ، وينفق على الأجنبيين .


[10820]:في الأصل و.م : حيث.
[10821]:ساقطة من الأصل و.م.
[10822]:في الأصل: وغير المحق.