قيل : هذا خطاب للرسول - صلوات الله وسلامه عليه - بأن يؤتي أقاربهُ الحقوق التي وجبت لهم في الفيءِ والغنيمة ، وإخراج حقِّ المساكين وأبناء السَّبيل من هذين المثالين .
وقال الأكثرون : إنه عامٌّ ، لأنه عطفه على قوله تعالى : { وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ } [ الإسراء : 23 ] والمعنى أنَّك بعد فراغك من برِّ الوالدين يجب عليك أن تشتغل ببرِّ سائر الأقاربِ ، الأقرب فالأقرب ، ثم بإصلاح أحوال المساكين ، وأبناء السَّبيل ، واعلم أنَّ قوله تعالى : { وَآتِ ذَا القربى حَقَّهُ } مجملٌ ، ليس فيه بيان أنَّ ذلك الحقَّ ما هو ، فذهب الشافعيُّ - رضي الله عنه - إلى أنَّه لا يجب الإنفاقُ إلاَّ على الولدِ والوالدين ، وقال غيره : يجب الإنفاق على المحارم بقدر الحاجة ، واتفقوا على أنَّ من لم يكن من المحارم كأبناء العمِّ ، فلا حقَّ لهم إلاَّ الموادَّة والمؤالفة في السَّراء والضَّراء ، وأما المسكين وابن السَّبيل ، فتقدَّم وصفهما في سورة التوبة في آية الزَّكاة .
قوله تعالى : { وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً } : التَّبذِيرُ : التفريق ومنه " البَذْرُ " لأنه يفرقُ في الأرض للزِّراعة ، قال : [ الوافر ]
تَرائِبُ يَسْتَضِيءُ الحليُ فِيهَا *** كجَمْرِ النَّار بُذِّرَ بالظَّلامِ{[20365]}
ثم غلب في الإسراف في النَّفقة .
قال مجاهد : لو أنفق الإنسان ماله كلَّه في الحقِّ ، ما كان تبذيراً{[20366]} .
وسئل ابن مسعود عن التبذير ، فقال : إنفاقُ المالِ في غير حقِّه{[20367]} وأنشد بعضهم : [ الوافر ]
ذَهابُ المَالِ في حَمْدٍ وأجْرٍ *** ذَهابٌ لا يُقَالُ لهُ ذَهابُ{[20368]}
وقال عثمان{[20369]} بن الأسود : كنت أطوفُ مع مجاهد حول الكعبة ، فرفع رأسه إلى أبي قبيسٍ ، وقال : لو أنَّ رجلاً أنفق مثل هذا في طاعة الله ، لم يكن من المسرفين ، ولو أنفق درهماً واحداً في معصية الله ، كان من المسرفين{[20370]} .
وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعدٍ - رضي الله عنه - وهو يتَوضَّأ ، فقال : مَا هَذَا السَّرف يا سعدُ ؟ فقال : أفِي الوَضُوءِ سرفٌ ؟ قال : " نعم ، وإنْ كُنْتَ على نَهْرٍ جارٍ " {[20371]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.