في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يَنفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعۡذِرَتُهُمۡ وَلَا هُمۡ يُسۡتَعۡتَبُونَ} (57)

33

ثم يختم المشهد بالنتيجة الكلية في إجمال يصور ما وراءه مما لحق بالظالمين الذين كانوا يكذبون بيوم الدين :

( فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون ) . .

فلا معذرة منهم تقبل ولا يعتب عليهم أحد فيما فعلوه ، أو يطلب إليهم الاعتذار . فاليوم يوم العقاب لا يوم العتاب ! .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يَنفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعۡذِرَتُهُمۡ وَلَا هُمۡ يُسۡتَعۡتَبُونَ} (57)

هذا إخبار عن هول يوم القيامة وشدة أحواله على الكفرة في أنهم لا ينفعهم الاعتذار ولا يعطون عتبى وهي الرضى ، و { يستعتبون } بمعنى يعتبون كما تقال يملك ويستملك ، والباب في استفعل أنه طلب الشيء وليس هذا منه لأن المعنى كان يفسد إذا كان المفهوم منه ولا يطلب منهم عتبى{[9340]} .

وقرأ عاصم والأعمش «ينفع » بالياء كما قال تعالى { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى }{[9341]} [ البقرة : 275 ] وحسن هذا أيضاً بالتفرقة التي بين الفعل وما أسند إليه قال الشاعر : [ الطويل ]

وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى . . . ثلاث الأثافي والديار البلاقع{[9342]}


[9340]:معنى هذا أن استفعل بمعنى الفعل المجرد وهو (عتب) أي: هم من الإهمال وعدم الالتفات إليهم بمنزلة من لا يؤهل للعتب، قال ذلك أبو حيان في البحر، وقد قيل: المعنى لا يعاتبون على سيئاتهم بل يعاقبون، وقيل: لا تطلب لهم العتبى.
[9341]:من الآية 275 من سورة البقرة.
[9342]:الأثافي: جمع الأثفية والإِثفية، وهي الحجر الذي توضع عليه القدر، والعادة أن توضع القدر على ثلاثة أحجار ويترك موضع الحجر الرابع خاليا ليدفع منه الحطب تحت القدر، وثالثة الأثافي: الجبل، لأن العرب كانت إذا لم تجد حجرا ثالثا أسندوا القدور إلى الجبل. والديار البلاقع: التي لا شيء فيها، وقد جمعوا فقالوا: "أرض بلاقع" لأنهم جعلوا كل جزء منها بلقعا، والمكان البلقع هو الخالي، وقد يوصف به الأنثى والجمع، فيقال: أرض بلقع وديار بلقع، والشاهد أن الفعل (يرجع) جاء بالياء للفرق بينه وبين ما استند إليه وهو (ثلاث...) بفاصل من الكلام.