ولما كان قوله تعالى :{ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات }[ النساء : 173 ] في أشكالها من الآيات دالاً على أن هذه الدنيا دار العمل{[53499]} ، وأن{[53500]} دار الآخرة دار الجزاء ، وأن البرزخ هو{[53501]} حائل بينهما ، فلا يكون في واحدة منهما ما للأخرى ، سبب عن ذلك قوله : { فيومئذ } أي إذ تقوم الساعة ، وتقع هذه المقاولة { لا ينفع } {[53502]}أي نفعاً{[53503]} ما{[53504]} { الذين ظلموا } أي وضعوا الأمور في غير مواضعها { معذرتهم } وهي ما تثبت عذرهم ، وهو إيساغ الحيلة في وجه يزيل ما ظهر من التقصير لأنهم{[53505]} لا عذر لهم وإن بالغوا في إثباته ، والعبارة شديدة جداً من حيث كانت تعطي أن من وقع منه ظلم ما يوماً ما كان هذا حاله ، وهي تدل على أنه تكون منهم معاذير{[53506]} ، وترقق كثير ، وتذلل كبير ، فلا يقبل منه شيء - {[53507]}هذا على قراءة الجماعة بتأنيث الفعل وهي{[53508]} أبلغ من قراءة الكوفيين بتذكيره بتأويل العذر ، لأنه إذا لم ينفع الاعتذار الكثير لم ينفع القليل الذي{[53509]} دل عليه{[53510]} المجرد ولا عكس ، ويمكن أن تكون قراءة الجمهور{[53511]} متوجهة للكفرة و{[53512]} قراءة الكوفيين للعصاة من المؤمنين ، فإن منهم من ينفعه الاعتذار فيعفى عنه ، ويشهد لهذا ما ورد في آخر أهل النار خروجاً منها{[53513]} أنه يسأل في صرف وجهه عنها{[53514]} ويعاهد ربه سبحانه أنه لا{[53515]} يسأله غير ذلك ، فإذا صرفه {[53516]}عن ذلك{[53517]} رأى شجرة عظيمة فيسأل أن يقدمه إلى ظلها فيقول الله : ألست أعطيت العهود{[53518]} والمواثيق أن لا تسال{[53519]} ؟ فيقول : بلى ! يارب ! ولكن لا أكون أشقى خلقك{[53520]} - الحديث{[53521]} ، وفيه " وربه يعذره " فهذا قد قبل عذره في الجملة ، ولا يطلب منه أن يزيل العتب{[53522]} لأن ذلك لا يمكن إلا بالعمل ، وقد فات محله ، فأتت المغفرة من وراء ذلك كله .
ولما كان العتاب من سنة الأحباب قال : { ولا هم } أي الذين وضعوا الأشياء في غير مواضعها { يستعتبون* } أي يطلب منهم {[53523]}ظاهراً أوباطناً بتلويح أو تصريح{[53524]} أن يزيلوا ما وقعوا فيه مما{[53525]} يوجب العتب ، وهو الموجدة{[53526]} عن تقصير يقع فيه المعتوب ، لأن ذلك لا يكون إلا بالطاعة وقد فات محلها بكشف الغطاء لفوات الدار التي تنفع فيها الطاعات لكونها إيماناً بالغيب ، والعبارة تدل على أن المؤمنين{[53527]} يعاتبون عتاباً يلذذهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.