في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر ) . .

لكن ظلال الرحمة تتراءى من وراء هذا العذاب الأدنى ؛ فالله سبحانه و تعالى لا يحب أن يعذب عباده إذا لم يستحقوا العذاب بعملهم ، وإذا لم يصروا على موجبات العذاب . فهو يوعدهم بأن يأخذهم بالعذاب في الأرض ( لعلهم يرجعون ) . . وتستيقظ فطرتهم ، ويردهم ألم العذاب إلى الصواب . ولو فعلوا لما صاروا إلى مصير الفاسقين الذين رأيناه في مشهدهم الأليم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

الضمير في قوله { لنذيقنهم } لكفار قريش ، أعلم الله تعالى أنه يصيبهم بعذاب دون عذاب الآخرة ، واختلف المتأولون في تعيين { العذاب الأدنى } ، فقال إبراهيم النخعي ومقاتل : هم السنون التي أجاعهم الله تعالى فيها ، وقال ابن عباس وأبي بن كعب : هو مصائب الدنيا من الأمراض ونحوها وقاله ابن زيد ، وقال ابن مسعود والحسن بن علي هو القتل بالسيف كبدر وغيرها .

قال الفقيه الإمام القاضي : فيكون على هذا التأويل الراجع غير الذي يذوق بل الذي يبقى بعده{[9433]} وتختلف رتبتا ضمير الذوق مع ضمير «لعل » وقال أبيّ بن كعب أيضاً هي البطشة ، واللزام ، والدخان . وقال ابن عباس أيضاً عنى بذلك الحدود .

قال الفقيه الإمام القاضي : ويتجه على هذا التأويل أن تكون في فسقة المؤمنين ، وقال مجاهد : عنى بذلك عذاب القبر .


[9433]:وقد قيل: إن معنى قوله تعالى {لعلهم يرجعون}: لعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه، كقوله تبارك وتعالى: {فارجعنا نعمل صالحا}، وسميت إرادة الرجوع رجوعا كما سميت إرادة القيام قياما في قوله سبحانه: {إذا قمتم إلى الصلاة}، ويدل على ذلك قراءة من قرأ: [يرجعون] على البناء للمفعول.