في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ} (25)

وأمام هذا التطاول الوقح ، بعد الطغيان البشع ، تحركت القوة الكبرى :

( فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) . .

ويقدم هنا نكال الآخرة على نكال الأولى . . لأنه أشد وأبقى . فهو النكال الحقيقي الذي يأخذ الطغاة والعصاة بشدته وبخلوده . . ولأنه الأنسب في هذا السياق الذي يتحدث عن الآخرة ويجعلها موضوعه الرئيسي . . ولأنه يتسق لفظيا مع الإيقاع الموسيقي في القافية بعد اتساقه معنويا مع الموضوع الرئيسي ، ومع الحقيقة الأصيلة .

ونكال الأولى كان عنيفا قاسيا . فكيف بنكال الآخرة وهو أشد وأنكى ? وفرعون كان ذا قوة وسلطان

ومجد موروث عريق ؛ فكيف بغيره من المكذبين ? وكيف بهؤلاء الذين يواجهون الدعوة من المشركين ?

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ} (25)

{ فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } قال الحسن وقتادة : عاقبه الله فجعله نكال الآخرة والأولى ، أي في الدنيا بالغرق وفي الآخرة بالنار . وقال مجاهد وجماعة من المفسرين : أراد بالآخرة والأولى كلمتي فرعون قوله : { ما علمت لكم من إله غيري }( القصص- 38 ) ، وقوله : { أنا ربكم الأعلى } وكان بينهما أربعون سنة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ} (25)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فأخذه الله} بعقوبة قوله: {نكال الآخرة والأولى}... الأولى قوله: {ما علمت لكم من إله غيري} [القصص:38] والآخرة قوله: {أنا ربكم الأعلى}...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"فأخَذَهُ اللّهُ" فعاقبه الله "نَكالَ الآخِرَةِ والأُولى" يقول عُقوبة الآخرة من كلمتيه، وهي قوله: "أنا رَبّكُمُ الأعْلَى"، والأولى قوله: "ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرِي"... وقال آخرون: عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة، عجّل الله له الغرق، مع ما أعدّ له من العذاب في الآخرة. وقال آخرون: الأولى عصيانه ربه وكفره به، والآخرة قوله: أنا رَبّكُمُ الأعْلَى.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

... منهم من يقول: أخذه بعقوبة ما تقدم من الإجرام وما تأخر إلى أن غرق. ومنهم من يقول: أخذه بالعقوبة في الدنيا والآخرة؛ فغرّقه في الدنيا، وعذبت روحه بعد مماته بقوله: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} [غافر: 46] ويدخل في النار مع أتباعه بقوله تعالى: {ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [غافر: 46] فاتصلت عقوبة الدنيا بعقوبة الآخرة...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{نَكَالَ} هو مصدر مؤكد، ك (وعد الله)، و (صبغة الله)؛ كأنه قيل: نكل الله به نكال الآخرة والأولى، والنكال بمعنى التنكيل... يعني الإغراق في الدنيا والإحراق في الآخرة...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

أي: انتقم الله منه انتقاما جعله به عبرة ونكالا لأمثاله من المتمردين في الدنيا...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فأخذه الله} أي الملك الذي لا كفوء له ولا أمر لأحد معه أخذ قهر وذل منكلاً به مخذلاً له: {نكال الآخرة} فهو مصدر من المعنى، أي أخذ تنكيل فيها يكون مثلاً يتقيد به ويتعظ كل من سمعه عن مثل حال فرعون، وقدمها اهتماماً بشأنها وإشارة إلى أن- عظمة عذابها أعظم ولا يذوقه الإنسان إلا بكشف غطاء الدنيا بالموت، وتنبيهاً على أن المنع من مثل هذه الدعوى للصدق بها أمكن، وليس ذلك للفاصلة لأنه لو قيل: "الأخرى " لوافقت {والأولى} أي ونكال الدنيا الذي هو قبل الآخرة فإن من سمع قصة غرقه ومجموع ما اتفق له كان له- ذلك نكالاً مانعاً من عمل مثله أو أقل منه...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وأمام هذا التطاول الوقح، بعد الطغيان البشع، تحركت القوة الكبرى: (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى).. ويقدم هنا نكال الآخرة على نكال الأولى.. لأنه أشد وأبقى. فهو النكال الحقيقي الذي يأخذ الطغاة والعصاة بشدته وبخلوده.. ولأنه الأنسب في هذا السياق الذي يتحدث عن الآخرة ويجعلها موضوعه الرئيسي.. ولأنه يتسق لفظيا مع الإيقاع الموسيقي في القافية بعد اتساقه معنويا مع الموضوع الرئيسي، ومع الحقيقة الأصيلة. ونكال الأولى كان عنيفا قاسيا. فكيف بنكال الآخرة وهو أشد وأنكى؟ وفرعون كان ذا قوة وسلطان ومجد موروث عريق؛ فكيف بغيره من المكذبين؟ وكيف بهؤلاء الذين يواجهون الدعوة من المشركين؟...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وحقيقة الأخذ: التناول باليد، ويستعار كثيراً للمقدرة والغلبة كما قال تعالى: {فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر} [القمر: 42] وقال: {فأخذهم أخذةً رابية} [الحاقة: 10]. والمعنى: فلم يُفلت من عقاب الله...

فهو مشتق من النكول وهو النكوص والهروب، قال تعالى: {فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها} في سورة البقرة (66)...

وقد استُعمل النكال في حقيقته ومجازه لأن ما حصل لفرعون في الدنيا هو نكال حقيقي وما يصيبه في الآخرة أطلق عليه النكال لأنه يشبه النكال في شدة التعذيب ولا يحصل به نكالٌ يوم القيامة. وورود فعل « أخذه» بصيغة المضي مع أن عذاب الآخرة مستقبل ليوم الجزاء مُراعىً فيه أنه لما مات ابتدأ يذوق العذاب حين يرى منزلته التي سيؤول إليها يوم الجزاء كما ورد في الحديث...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ} (25)

{ فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } أي نكل الله به في الاخرة بالعذاب في النار وفي الدنيا بالغرق

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ} (25)

" فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " أي نكال قوله : " ما علمت لكم من إله غيري " [ القصص : 38 ] وقوله بعد : " أنا ربكم الأعلى " [ النازعات : 24 ] قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة . وكان بين الكلمتين أربعون سنة ، قاله ابن عباس . والمعنى : أمهله في الأولى ، ثم أخذه في الآخرة ، فعذبه بكلمتيه . وقيل : نكال الأولى : هو أن أغرقه ، ونكال الآخرة : العذاب في الآخرة . وقال قتادة وغيره . وقال مجاهد : هو عذاب أول عمره وأخره . وقيل : الآخرة قوله " أنا ربكم الأعلى " والأولى تكذيبه لموسى . عن قتادة أيضا . و " نكال " منصوب على المصدر المؤكد في قول الزجاج ؛ لأن معنى أخذه الله : نكل الله به ، فأخرج [ نكال ]{[15782]} مكان مصدر من معناه ، لا من لفظه . وقيل : نصب بنزع حرف الصفة . أي فأخذه الله بنكال الآخرة ، فلما نزع الخافض نصب . وقال الفراء : أي أخذه الله أخذا نكالا ، أي للنكال . والنكال : اسم لما جعل نكالا للغير أي عقوبة له حتى يعتبر به . يقال : نكل فلان بفلان : إذا أثخنه عقوبة . والكلمة من الامتناع ، ومنه النكول عن اليمين ، والنكل القيد . وقد مضى في سورة " المزمل " {[15783]} والحمد لله .


[15782]:زيادة تقتضيها العبارة.
[15783]:راجع ص 45 من هذا الجزء.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلۡأٓخِرَةِ وَٱلۡأُولَىٰٓ} (25)

ولما أخبر سبحانه عنه بهذه الكلمة الشنعاء القادحة في الملك ، وكان الملوك لا يحتملون ذلك بوجه ، سبب عنها وعقب قوله : { فأخذه الله } أي الملك الذي لا كفوء له ولا أمر لأحد معه أخذ قهر وذل منكلاً به مخذلاً له{[71461]} : { نكال الآخرة } فهو مصدر من المعنى ، أي أخذ تنكيل{[71462]} فيها يكون مثلاً يتقيد به ويتعظ كل من سمعه عن مثل حال فرعون ، وقدمها اهتماماً بشأنها{[71463]} وإشارة إلى أن-{[71464]} عظمة عذابها أعظم ولا يذوقه الإنسان إلا بكشف غطاء الدنيا بالموت ، وتنبيهاً على أن المنع من مثل هذه الدعوى للصدق بها أمكن ، وليس ذلك للفاصلة لأنه لو قيل : " الأخرى " لوافقت { والأولى * } أي ونكال{[71465]} الدنيا الذي هو قبل الآخرة{[71466]} فإن من سمع قصة غرقه ومجموع ما اتفق له كان له-{[71467]} ذلك نكالاً مانعاً من عمل مثله أو أقل منه ، قال الضحاك{[71468]} : أما في الدنيا فأغرقه الله تعالى وألقاه{[71469]} بنجوة من الأرض ، وأما في العقبى فيدخله الله تعالى النار و-{[71470]} يجعله ظاهراً على تل منها مغلولاً مقيداً ينادي عليه هذا الذي ادعى الربوبية دون الله انتهى . وأنا لا أشك أن الحلاج وابن عربي وابن الفارض ، وأتباعهم-{[71471]} يكونون في النار تحتهم وتحت آله يشربون عصارتهم ، فإنهم{[71472]} ادعوا{[71473]} أنه ناج وصدقوه فيما ادعاه{[71474]} وادعوا لأنفسهم وغيرهم مثل-{[71475]} ما ادعاه تكذيباً للقرآن وإغراقاً في العدوان ، وزادوا عليه بابتذال الاسم الأعظم الذي حماه الله من أن يدعيه أحد{[71476]} قبل إرسال النبي صلى الله عليه وسلم فادعوا{[71477]} أنه يطلق عليهم وعلى كل أحد بل كل{[71478]} شيء ، وأمارة هذه الطائفة الخبيثة التي لا تتخلف أن تقول لأحدهم{[71479]} : العن فرعون الذي أجمع على لعنه{[71480]} جميع الطوائف .

وهو مثل عندهم في الشرارة{[71481]} والخبث فلا يلعنه ، وإن لعنه فبعد توقف .


[71461]:في ظ و م: الموفق.
[71462]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71463]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[71464]:من ظ و م، وفي الأصل: نكل.
[71465]:في م: بها.
[71466]:زيد من م.
[71467]:من ظ و م، وفي الأصل: بنكال.
[71468]:من ظ و م، وفي الأصل: الأخرى.
[71469]:راجع المعالم 7/.
[71470]:زيد من ظ و م.
[71471]:زيد من ظ.
[71472]:من ظ و م، وفي الأصل: كأنهم.
[71473]:زيد في الأصل أنهم، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71474]:من ظ و م، وفي الأصل: ادعى.
[71475]:زيد من ظ و م.
[71476]:من ظ و م، في الأصل: لأحد.
[71477]:من ظ و م، وفي الأصل: فادعى.
[71478]:زيد في الأصل: على، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71479]:من م، وفي الأصل و ظ: لأحد.
[71480]:العبارة من هنا إلى "والخبث" ساقطة من ظ.
[71481]:من م، وفي الأصل: الشهادة.