في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

9

ثم يمعن في الكشف عن حقيقة أمرهم .

( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ) . .

فهم أصنام أو أوثان أو أشجار ، أو نجوم أو كواكب ، أو ملائكة أو جن . . وكلهم لا يملكون بالفعل قطميراً . وكلهم لا يسمعون لعبادهم الضالين . سواء كانوا لا يسمعون أصلاً ، أو لا يسمعون لكلام البشر . .

( ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) . .

كالجن والملائكة . فالجن لا يملكون الاستجابة . والملائكة لا يستجيبون للضالين .

هذه في الحياة الدنيا . فأما يوم القيامة فيبرأون من الضلال والضالين :

( ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) . .

يحدث بهذا الخبير بكل شيء ، وبكل أمر ، وبالدنيا والآخرة :

( ولا ينبئك مثل خبير ) . .

وبهذا ينتهي هذا المقطع ، وتختم هذه الجولات والمشاهد في تلك العوالم ؛ ويعود القلب البشري منها بزاد يكفيه حياته كلها لو ينتفع بالزاد . وإنه لحسب القلب البشري مقطع واحد من سورة واحدة لو كان الذي يريد هو الهدى ، ولو كان الذي يطلب هو البرهان !

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِن تَدۡعُوهُمۡ لَا يَسۡمَعُواْ دُعَآءَكُمۡ وَلَوۡ سَمِعُواْ مَا ٱسۡتَجَابُواْ لَكُمۡۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَكۡفُرُونَ بِشِرۡكِكُمۡۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ} (14)

ثم بين ذلك بقوله : { إن تدعوهم } أي المعبودات من دونه دعاء عبادة او استغاثة { لا يسمعوا } أي بحس السمع في وقت من الأوقات { دعاءكم } لأنهم جماد { ولو سمعوا } في المستقبل { ما استجابوا لكم } لأنهم إذ ذاك يعلمون أن إجابتكم لا ترضي الله ، وهم مما أبى أن يحمل الأمانة ويخون فيها بالعمل بغير ما يرضي الله سبحانه ، أو يكون المعنى : ولو فرض أنه يوجد لهم سمع ، أو ولو كانوا سامعين - ليدخل فيه من عبد من الأحياء - ما لزم من السماع إجابة ، لأنه لا ملازمة بين السمع والنطق ، ولا بين السمع والنطق مع القدرة على ما يراد من السامع ، فإن البهائم تسمع وتجيب ، والمجيبون غيره يجيبون ولا قدرة لهم على أكثر ما يطلب منهم .

ولما ذكر ما هو على سبيل الفرض ، ذكر ما يصير إليه بينهم وبينهم الأمر فقال : { ويوم القيامة } أي حين ينطقهم الله { يكفرون بشرككم } أي ينكرونه ويتبرؤون منه . ولما كان التقدير : قد أنبأكم بذلك الخبير ، وكانوا لا يقرون بذلك ولا يفهمونه حق فهمه ولا يعملون به ، صرف الخطاب عنهم إلى من له الفهم التام والطاعة الكاملة ، فقال عاطفاً على هذا الذي هدى إلى تقديره السياق : { ولا ينبئك } أي إنباء بليغاً عظيماً على هذا الوجه بشيء من الأشياء ، { مثل خبير * } أي بالغ الخبر ، فلا يمكن الطعن في شيء مما أخبر به ، وأما غيره فلا يخبر خبراً إلا يوجه إليه نقص .