في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ} (41)

28

ويختم هذه الجولة بمشهدهم محشورين يوم القيامة ، حيث يواجههم الله سبحانه بالملائكة الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ؛ ثم يذوقون عذاب النار الذي كانوا يستعجلون به ، ويقولون متى هذا الوعد ? كما جاء في أول هذا الشوط :

( ويوم يحشرهم جميعاً ، ثم يقول للملائكة : أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ? قالوا : سبحانك أنت ولينا من دونهم . بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون . فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضراً ، ونقول للذين ظلموا : ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون ) . .

فهؤلاء هم الملائكة الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ، أو يتخذونهم عنده شفعاء . هؤلاء هم يواجهون بهم ، فيسبحون الله تنزيهاً له من هذا الادعاء ، ويتبرأون من عبادة القوم لهم . فكأنما هذه العبادة كانت باطلاً أصلاً ، وكأنما لم تقع ولم تكن لها حقيقة . إنما هم يتولون الشيطان . إما بعبادته والتوجه إليه ، وإما بطاعته في اتخاذ شركاء من دون الله . وهم حين عبدوا الملائكة إنما كانوا يعبدون الشيطان ! ذلك إلى أن عبادة الجن عرفت بين العرب ؛ وكان منهم فريق يتوجه إلى الجن بالعبادة أو الاستعانة : ( بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) . . ومن هنا تجيء علاقة قصة سليمان والجن بالقضايا والموضوعات التي تعالجها السورة ، على طريقة سياقة القصص في القرآن الكريم .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ} (41)

شرح الكلمات :

{ قالوا سبحانك } : أي قالت الملائكة سبحانك أي تقديساً لك عن الشرك وتنزيهاً .

{ أنت ولينا من دونهم } : أي لا موالاة بيننا وبينهم أي يتبرأوا منهم .

{ بل كانوا يعبدون الجن } : أي الشياطين التي كانت تتمثل لهم فيحسبونها ملائكة فيطيعونها فتلك عبادتهم لها .

المعنى :

فيقولون : { سبحانك } أي تنزيهاً لك عن الشرك وتقديساً { أنت ولينا من دونهم } أما هم فلا ولاية بيننا وبينهم { بل كانوا يعبدون الجن } أي الشياطين { أكثرهم بهم مؤمنون } أي مصدقون فأطاعوهم في عبادة الأصنام وعصوك وعصوا رسلك فلم يعبدوك ولم يطيعوا رسلك .

الهداية :

من الهداية :

- أن من كانوا يعبدون الملائكة والأنبياء والصالحين إنما كانوا يعبدون الشياطين إذ هي التي زينت لهم الشرك . أما الملائكة والأنبياء والأولياء فلم يرضوا بذلك منهم فضلا عن أن يأمروهم به .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ} (41)

" قالوا سبحانك " أي تنزيها لك . " أنت ولينا من دونهم " أي أنت ربنا الذي نتولاه ونطيعه ونعبده ونخلص في العبادة له . " بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون " أي يطيعون إبليس وأعوانه . وفي التفاسير : أن حيا يقال لهم بنو مليح من خزاعة كانوا يعبدون الجن ، ويزعمون أن الجن تتراءى لهم ، وأنهم ملائكة ، وأنهم بنات الله ، وهو قوله : " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا " {[13070]} [ الصافات : 158 ] .


[13070]:راجع ج 15 ص 134.