في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (170)

158

( وإذا قيل لهم : اتبعوا ما أنزل الله قالوا : بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ) . .

وسواء كان هؤلاء الذين تعنيهم الآية هم المشركون الذين تكرر منهم هذا القول كلما دعوا إلى الإسلام ، وإلى تلقي شرائعهم وشعائرهم منه ، وهجر ما ألفوه في الجاهلية مما لا يقره الإسلام . أو كانوا هم اليهود الذين كانوا يصرون على ما عندهم من مأثور آبائهم ويرفضون الاستجابة للدين الجديد جملة وتفصيلا . . سواء كانوا هؤلاء أم هؤلاء فالآية تندد بتلقي شيء في أمر العقيدة من غير الله ؛ وتندد بالتقليد في هذا الشأن والنقل بلا تعقل ولا إدراك :

( أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) .

أولو كان الأمر كذلك ، يصرون على اتباع ما وجدوا عليه آباءهم ؟ فأي جمود هذا وأي تقليد ؟ !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (170)

يقول تعالى : { وَإِذَا قِيلَ } لهؤلاء الكفرة من المشركين : { اتَّبِعُوا مَا أَنزلَ اللَّهُ } على رسوله ، واتركوا ما أنتم فيه{[3054]} من الضلال والجهل ، قالوا في جواب ذلك : { بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا } أي : وجدنا { عَلَيْهِ آبَاءَنَا } أي : من عبادة الأصنام والأنداد . قال الله تعالى منكرًا عليهم : { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ } أي : الذين يقتدون بهم ويقتفون أثرهم { لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ } أي : ليس لهم فهم ولا هداية ! ! .

وروى ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أنها نزلت في طائفة من اليهود ، دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، فقالوا : بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا . فأنزل الله هذه الآية .


[3054]:في أ: "ما أنتم عليه".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ شَيۡـٔٗا وَلَا يَهۡتَدُونَ} (170)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ( 170 )

وقوله تعالى : { وإذا قيل لهم } يعني كفار العرب ، وقال ابن عباس : نزلت في اليهود ، وقال الطبري : الضمير في { لهم } عائد على الناس من قوله { يا أيها الناس كلوا } ، وقيل : هو عائد على { من } في قوله :{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً }( {[1541]} ) [ البقرة : 165 ] ، و { اتّبعوا } معناه بالعمل والقبول ، و { ما أنزل الله } هو القرآن والشرع ، و { ألفينا } معناه وجدنا ، قال الشاعر( {[1542]} ) : [ المتقارب ]

فَأَلْفَيْتَهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ . . . وَلاَ ذاكر اللَّهِ إلاّ قَليلا

والألف في قوله { أوَلو } للاستفهام ، والواو لعطف جملة كلام على جملة ، لأن غاية الفساد في الالتزام أن يقولوا نتبع آباءنا ولو كانوا لا يعقلون ، فقرروا على التزامهم هذا إذ هذه حال آبائهم .

وقوة ألفاظ هذه الآية تعطي إبطال التقليد ، وأجمعت الأمة على إبطاله في العقائد( {[1543]} ) .


[1541]:- والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم دعاهم من الكفر إلى الإيمان، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الله مرة بعد مرة فكان من آكد متمسكاتهم التّأسي بالآباء وذلك من اتباع الأهواء.
[1542]:- هو أبو الأسود الدؤلي كما في الكتاب لسيبويه مستشهدا به على حذف التنوين من (ذاكر) لالتقاء الساكنين.
[1543]:- من الناس من ذكر الخلاف في ذلك كالإمام ابن العربي المعافري.