وليس هذا أو ذاك من شأن الرسل . فأخذ المكذبين بالهلاك - كما جرت سنة الله في الأولين بعد مجيء الخوارق وتكذيبهم بها - أو إرسال العذاب . . كله من أمر الله . أما الرسل فهم مبشرون ومنذرون :
( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين . ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق . واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا ) .
والحق واضح . ولكن الذين كفروا يجادلون بالباطل ليغلبوا به الحق ويبطلوه . وهم حين يطلبون الخوارق ، ويستعجلون بالعذاب لا يبغون اقتناعا ، إنما هم يستهزئون بالآيات والنذر ويسخرون
ثم قال : { وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا } أي : قبل العذاب مبشرين{[18295]} من صدقهم وآمن بهم ، ومنذرين{[18296]} مَنْ كذبهم وخالفهم .
ثم أخبر عن الكفار بأنهم يجادلون بالباطل { لِيُدْحِضُوا بِهِ } أي : ليضعفوا به { الْحَقَّ } الذي جاءتهم به الرسل ، وليس ذلك بحاصل لهم . { وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا } أي : اتخذوا الحجج والبراهين وخوارق العادات التي بعث{[18297]} بها الرسل وما أنذروهم وخوفوهم به من العذاب { هُزُوًا } أي : سخروا منهم في ذلك ، وهو أشد التكذيب .
{ وما نُرسل المرسلين إلا مبشّرين ومنذرين } للمؤمنين والكافرين . { ويجادل الذين كفروا بالباطل } باقتراح الآيات بعد ظهور المعجزات ، والسؤال عن قصة أصحاب الكهف ونحوها تعنتا . { ليُدحضوا به } ليزيلوا بالجدال . { الحق } عن مقره ويبطلوه ، من إدحاض القدم وهو إزلاقها وذلك قوهم للرسل { ما أنتم إلا بشر مثلنا } { ولو شاء الله لأنزل ملائكة } ونحو ذلك . { واتخذوا آياتي } يعني القرآن . { وما أُنذروا } وإنذارهم أو والذي أنذروا به من العقاب . { هزُواً } استهزاء . وقرئ " هزأ " بالسكون وهو ما يستهزأ به على التقديرين .
وقوله { وما نرسل المرسلين } الآية ، كأنه لما تفجع عليهم وعلى ضلالهم ومصيرهم بآرائهم إلى الخسار ، قال : وليس الأمر كما يظنوا ، والرسل لم نبعثهم ليجادلوا ، ولا لتتمنى عليهم الاقتراحات ، وإنما بعثناهم مبشرين من آمن بالجنة ومنذرين من كفر بالنار ، و { يدحضوا } معناه يزهقوا ، و «الدحض » الطين الذي يزهق فيه ، ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]
وردت ونجى اليشكريّ نجاؤه . . . وحاد كما حاد البعير عن الدحض{[7835]}
وقوله { واتخذوا } إلى آخر الآية توعيد ، و «الآيات » تجمع آيات القرآن والعلامات التي ظهرت على لسان النبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله { وما أنذروا هزواً } يريد من عذاب الآخرة ، والتقدير ما أنذروه فحذف الضمير و «الهزاء » : السخر والاستخفاف ، كقولهم أساطير الأولين ، وقولهم لو نشاء لقلنا مثل هذا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.