فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا نُرۡسِلُ ٱلۡمُرۡسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَۚ وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّۖ وَٱتَّخَذُوٓاْ ءَايَٰتِي وَمَآ أُنذِرُواْ هُزُوٗا} (56)

{ وَمَا نُرْسِلُ المرسلين } من رسلنا إلى الأمم { إِلا } حال كونهم { مُبَشّرِينَ } للمؤمنين { وَمُنذِرِينَ } للكافرين . فالاستثناء مفرّغ من أعمّ العام ، وقد تقدّم تفسير هذا { ويجادل الذين كَفَرُوا بالباطل لِيُدْحِضُوا بِهِ الحق } أي : ليزيلوا بالجدال بالباطل الحق ويبطلوه وأصل الدحض : الزلق يقال : دحضت رجله ، أي : زلقت تدحض دحضاً ، ودحضت الشمس عن كبد السماء : زالت ، ودحضت حجته دحوضاً . بطلت ، ومن ذلك قول طرفة :

أبا منذر رمت الوفاء فهبته *** وحدت كما حاد البعير عن الدحض

ومن مجادلة هؤلاء الكفار بالباطل قولهم للرسل { و[ مَا ] أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مثْلُنَا } [ الشعراء : 154 ] . ونحو ذلك : { واتخذوا آياتي } أي : القرآن { وَمَا أُنْذِرُوا } به من الوعيد والتهديد { هزؤا } أي : لعباً وباطلاً ، وقد تقدّم هذا في البقرة .

/خ59