فأما موسى فهو قوي بالحق الذي أرسل به مشرقا منيرا ؛ مطمئن إلى نصرة الله له وأخذه للطغاة :
( قال : لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض . بصائر . وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ) هالكا مدمرا ، جزاء تكذيبك بآيات الله وأنت تعلم أن لا أحد غيره يملك هذه الخوارق . وإنها لواضحة مكشوفة منيرة للبصائر ، حتى لكأنها البصائر تكشف الحقائق وتجلوها .
أي : حججًا وأدلة على صدق ما جئتك به { وَإِنِّي لأظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا } أي : هالكًا . قاله مجاهد وقتادة . وقال ابن عباس ملعونًا . وقال : أيضًا هو والضحاك : ( مَثْبُورًا ) أي : مغلوبًا . والهالك - كما قال مجاهد - يشمل{[17881]} هذا كله ، قال عبد الله بن الزبعري :
إذْ أجَارِي الشَّيطانَ في سَنن الغ *** يِّ وَمَنْ مَالَ مَيْلهُ مَثْبُور{[17882]}
[ بمعنى هالك ]{[17883]} .
وقرأ بعضهم برفع التاء من قوله : " علمت " وروي ذلك عن علي بن أبي طالب . ولكن قراءة الجمهور بفتح التاء على الخطاب{[17884]} لفرعون ، كما قال تعالى : { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ } [ النمل : 13 ، 14 ] .
فهذا كله مما يدل على{[17885]} أن المراد بالتسع الآيات إنما هي ما تقدّم ذكره{[17886]} من العصا ، واليد ، والسنين ، ونقص من الثمرات ، والطوفان ، والجراد ، والقُمَّل ، والضفادع ، والدم . التي فيها حجج وبراهين على فرعون وقومه ، وخوارق ودلائل على صدق موسى ووجود الفاعل المختار الذي أرسله . وليس المراد منها كما ورد في هذا الحديث ، فإن هذه الوصايا ليس فيها حجج على فرعون وقومه ، وأي مناسبة بين هذا وبين إقامة البراهين على فرعون ؟ وما جاء هذا الوهم إلا من قبل " عبد الله بن سلمة{[17887]} فإن له بعض ما يُنْكر . والله أعلم . ولعل ذينك اليهوديين إنما سألا عن العشر الكلمات ، فاشتبه على الراوي بالتسع الآيات ، فحصل وَهْم في ذلك . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.