في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَٰيَٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَٰمِلِينَ مِنۡ خَطَٰيَٰهُم مِّن شَيۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (12)

وأخيرا يعرض فتنة الإغواء والإغراء ؛ ويعرض معها فساد تصور الذين كفروا للتبعة والجزاء ؛ ويقرر فردية التبعة وشخصية الجزاء وهو المبدأ الإسلامي الكبير ، الذي يحقق العدل في أجلى مظاهره ، وأفضل أوضاعه :

وقال الذين كفروا للذين آمنوا : اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم . و ما هم بحاملين من خطاياهم من شيء . إنهم لكاذبون . وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ، وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون . .

وقد كان الذين كفروا يقولون هذا تمشيا مع تصورهم القبلي في احتمال العشيرة للديات المشتركة والتبعات المشتركة . يحسبون أنهم قادرون على احتمال جريرة الشرك بالله عن سواهم وإعفائهم منها . ذلك إلى التهكم على قصة الجزاء في الآخرة إطلاقا :

( اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ) . .

ومن ثم يرد عليهم الرد الحاسم ، فيرد كل إنسان إلى ربه فردا ، يؤاخذه بعمله ، لا يحمل أحد عنه شيئا :

( وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء ) . .

ويجبهم بما في قولتهم هذه من كذب وادعاء :

( إنهم لكاذبون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلۡنَحۡمِلۡ خَطَٰيَٰكُمۡ وَمَا هُم بِحَٰمِلِينَ مِنۡ خَطَٰيَٰهُم مِّن شَيۡءٍۖ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (12)

يقول تعالى مخبرا عن كفار قريش : أنهم قالوا لِمَنْ آمن منهم واتبع الهدى : ارجعوا عن دينكم إلى ديننا ، واتبعوا سبيلنا ، { وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } أي : وآثامكم - إن كانت لكم آثام في ذلك - علينا وفي رقابنا ، كما يقول القائل : " افعل هذا وخطيئتك في رقبتي " . قال الله تكذيبا لهم : { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } أي : فيما قالوه : إنهم يحملون عن أولئك خطاياهم ، فإنه لا يحمل أحد وزر أحد ، { وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } [ فاطر : 18 ] ، وقال تعالى : { وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا . يُبَصَّرُونَهُمْ } [ المعارج : 10 ، 11 ] .