في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا لَّيُضِلُّونَ بِأَهۡوَآئِهِم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِينَ} (119)

114

ثم يسألهم : وما لهم في الامتناع من الأكل مما ذكر اسم الله عليه ، وقد جعله الله لهم حلالا ؟ وقد بين لهم الحرام الذي لا يأكلونه إلا اضطراراً ؟ فانتهى بهذا البيان كل قول في حله وحرمته ؛ وفي الأكل منه أو تركه ؟

( وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ؟ ) .

ولما كانت هذه النصوص تواجه قضية حاضرة إذ ذاك في البيئة ، حيث كان المشركون يمتنعون من ذبائح أحلها الله ؛ ويحلون ذبائح حرمها الله - ويزعمون أن هذا هو شرع الله ! - فإن السياق يفصل في أمر هؤلاء المشترعين المفترين على الله ، فيقرر أنهم إنما يشرعون بأهوائهم بغير علم ولا اتباع ، ويضلون الناس بما يشرعونه لهم من عند أنفسهم ، ويعتدون على ألوهية الله وحاكميته بمزاولتهم لخصائص الألوهية وهم عبيد :

( وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم . . إن ربك هو أعلم بالمعتدين ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا لَّيُضِلُّونَ بِأَهۡوَآئِهِم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِينَ} (119)

ثم ندب إلى الأكل مما ذكر اسم الله عليه ، فقال : { وَمَا لَكُمْ أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } أي : قد بَيَّن لكم ما حَرم عليكم ووضحه .

وقرأ بعضهم : { فَصَّلَ } بالتشديد ، وقرأ آخرون بالتخفيف ، والكل بمعنى البيان والوضوح .

{ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } أي : إلا في حال الاضطرار ، فإنه يباح لكم ما وجدتم .

ثم بين تعالى جهالة المشركين في آرائهم الفاسدة ، من استحلالهم الميتات ، وما ذكر عليه غير اسم الله تعالى : فقال { وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ } أي : هو أعلم باعتدائهم وكذبهم وافترائهم .