الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا لَّيُضِلُّونَ بِأَهۡوَآئِهِم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِينَ} (119)

قوله : { وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه } الآية [ 120 ] .

المعنى : وأي شيء لكم في ترك أكل ما ذكر اسم الله عليه{[21591]} ، وقد فصل لكم الحرام من الحلال{[21592]} ؟

وقرأ عطية العوفي{[21593]} ( وقد فصل ) بالتخفيف{[21594]} ، على معنى : ( أبان لكم ){[21595]} ، { إلا ما اضطررتم إليه } يريد لحم{[21596]} الميتة للمضطر{[21597]} .

ثم قال : { وإن كثيرا ليضلون{[21598]} } من فتح الياء{[21599]} أضاف الضلال إليهم في أنفسهم{[21600]} ، وتصديقه قوله { هو أعلم بمن ضل }{[21601]} و{ قد ضلوا }{[21602]} و{ هم الضالون }{[21603]} .

وحجة من ضم{[21604]} أنه أبلغ ، لأن كل من أضل غيره فهو ضال ، وليس كل من ضل أضل غيره ، فالضم{[21605]} أبلغ في الإخبار عنهم{[21606]} . وحجته أيضا ، أنهم قد وصفوا قبل بالكفر الذي هو الضلال ، فلا معنى لوصفهم بذلك ، فوجب وصفهم بأنهم مع ضلالتهم يضلون غيرهم{[21607]} . وكذلك الحجة فيما كان مثله مثل { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله }{[21608]} ، الضم أبلغ لأن شراء لهو الحديث ضلال ، ( فوصفه بفائدة ){[21609]} أخرى أولى{[21610]} من وصفه بما قد دل عليه الكلام الأول .

فالإضلال{[21611]} – هنا – أمكن من الضلال . وقد أجمع الجميع /{[21612]} على قوله : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس }{[21613]} أنه بالضم وعلى { فأضلونا السبيلا }{[21614]} .

قوله : { إن ربك هو أعلم ( بالمعتدين ) }{[21615]} أي : بمن اعتدى حدوده فتحاوزها{[21616]} .


[21591]:ب: إليه عليه وانظر: معاني الأخفش 503. وإعراب النحاس 1/577، وإعراب مكي 267.
[21592]:انظر: تفسير الطبري 12/67. ومعاني الزجاج 2/286.
[21593]:هو أبو الحسن عطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي الكوفي، تابعي من رجال الحديث. روى عن ابن عباس وابن عمر. انظر: ميزان الاعتدال 3/79، والأعلام 4/237.
[21594]:انظر: تفسير الطبري 12/70، ومختصر ابن خالويه 40.
[21595]:سقطت من متن (أ) لتستدرك في هامشها هكذا: أبين لكم. وانظر: حجة ابن زنجلة 269، والمحرر 6/138.
[21596]:ب: الحج.
[21597]:هو قول قتادة في تفسير الطبري 12/71.
[21598]:د: ليضلون بأهوائهم.
[21599]:هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ونافع وابن عامر في السبعة 267، ويعقوب وأبي جعفر كذلك في المبسوط 201.
[21600]:انظر: تفسير الطبري 12/71.
[21601]:النحل آية 125، والنجم آية 29، والقلم آية 7.
[21602]:النساء آية 166، والمائدة آية 79، والأنعام آية 141، الأعراف آية 149.
[21603]:آل عمران آية 89. وانظر: حجة ابن زنجلة 270، وفي حجة ابن خالويه 148، والمبسوط 201، والكشف 1/449 الاستدلال بآيات آخرى.
[21604]:هي قراءة عاصم وحمزة والكسائي في السبعة 267، واختارها الطبري في تفسيره 12/72، وهي قراءة خلف كذلك في المبسوط 202.
[21605]:ب: بالضم.
[21606]:(والضم أقوى وهو الاختيار) الكشف 1/449.
[21607]:انظر: حجة ابن زنجلة 269، 270.
[21608]:لقمان آية 5. وقد قرأها بالضم عاصم ونافع والكسائي وابن عامر وحمزة وأبو جعفر وخلف في المبسوط.
[21609]:ب: بوصفه بمائدة.
[21610]:ب: ولا.
[21611]:ب: بالإضلال.
[21612]:جلها مطموس مع بعض الخرم.
[21613]:الأنعام آية 145.
[21614]:الأحزاب آية 67. وانظر: المحرر 6/138.
[21615]:أ: بمن ضل. ب: بمن ضل عن سبيله. والذي ورد في النسخ موجود في: النحل آية 125 والنجم آية 29، والقلم آية 7. وما أثبته هو الوارد في الآية التي نحن في رحابها.
[21616]:انظر: تفسير الطبري 12/71.