غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا لَّيُضِلُّونَ بِأَهۡوَآئِهِم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِينَ} (119)

111

أما قوله : { وقد فصل لكم } فأكثر المفسرين قالوا : المراد به ما فصل في أول المائدة من قوله : { حرمت عليكم الميتة } [ المائدة : 3 ] إلى آخر الآية ، واعترض عليه بأن سورة الأنعام مكية والمائدة من آخر ما نزل بالمدينة ، والآية تقتضي أن يكون المفصل مقدماً على هذا المجمل بل الأولى أن يقال : المراد قوله تعالى بعد هذه الآية :

{ قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً } [ الأنعام : 145 ] إلى آخرها . فإن هذا القدر من التأخر غير ضائر . وقوله : { إلا ما اضطررتم } أي دعتكم الضرورة إلى أكله بسبب شدّة المجاعة { وإن كثيراً ليضلون } المبالغة في قراءة ضم الياء أكثر لأن كل مضل فإنه يكون ضالاً ، وقد يكون الضال غير مضل ، قيل : إنه عمرو بن لحي فمن دونه من المشركين لأنه أول من غير دين إسماعيل واتخذ البحائر والسوائب وأكل الميتة . وقوله : { بأهوائهم بغير علم } يريد أن عمرو بن لحي أقدم على هذه المذاهب عن الجهالة الصرفة ، وقال الزجاج : المراد منه الذين يحللون الميتة ويناظرون في إحلالها ، أو يحتجون عليها بقولهم إذ حل ما تذبحونه أنتم فلأن يحل ما يذبحه الله تعالى أولى ، وكذلك كل ما يضلون فيه من عبادة الأوثان والطعن في نبوّة محمد صلى الله عليه وآله . وفي الآية دلالة على أن النزاع في الدين بمجرد التقليد حرام { إن ربك هو أعلم بالمعتدين } فيجازيهم عليها وفيه من التهديد ما فيه .

/خ121