وعندما يصل السياق إلى هذا الحد في استعراض تلك النماذج من أقوال المنافقين وأعمالهم وتصوارتهم ، يعمد إلى تقرير حقيقة المنافقين بصفة عامة ، وعرض الصفات الرئيسية التي تميزهم عن المؤمنين الصادقين ، وتحديد العذاب الذي ينتظرهم أجمعين :
( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ، ويقبضون أيديهم . نسوا اللّه فنسيهم . إن المنافقين هم الفاسقون . وعد اللّه المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها ؛ هي حسبهم ، ولعنهم اللّه ، ولهم عذاب مقيم ) .
المنافقون والمنافقات من طينة واحدة ، وطبيعة واحدة . المنافقون في كل زمان وفي كل مكان . تختلف أفعالهم وأقوالهم ، ولكنها ترجع إلى طبع واحد ، وتنبع من معين واحد . سوء الطوية ولؤم السريرة ، والغمز والدس ، والضعف عن المواجهة ، والجبن عن المصارحة . تلك سماتهم الأصيلة . أما سلوكهم فهو الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ، والبخل بالمال إلا أن يبذلوه رئاء الناس . وهم حين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف يستخفون بهما ، ويفعلون ذلك دساً وهمساً ، وغمزاً ولمزاً ، لأنهم لا يجرؤون على الجهر إلا حين يأمنون . إنهم ( نسوا الله )فلا يحسبون إلا حساب الناس وحساب المصلحة ، ولا يخشون إلا الأقوياء من الناس يذلون لهم ويدارونهم( فنسيهم )الله فلا وزن لهم ولا اعتبار . وإنهم لكذلك في الدنيا بين الناس ، وإنهم لكذلك في الآخرة عند الله . وما يحسب الناس حساباً إلا للرجال الأقوياء الصرحاء ، الذين يجهرون بآرائهم ، ويقفون خلف عقائدهم ، ويواجهون الدنيا بأفكارهم ، ويحاربون أو يسالمون في وضح النهار . أولئك ينسون الناس ليذكروا إله الناس ، فلا يخشون في الحق لومة لائم ، وأولئك يذكرهم الله فيذكرهم الناس ويحسبون حسابهم .
( إن المنافقين هم الفاسقون ) .
فهم خارجون عن الإيمان ، منحرفون عن الطريق ، وقد وعدهم الله مصيراً كمصير الكفار :
يقول تعالى منكرا على المنافقين الذين هم على خلاف صفات المؤمنين ، ولما كان المؤمنون{[13611]} يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، كان هؤلاء { يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } أي : عن الإنفاق في سبيل الله ، { نَسُوا اللَّهَ } أي : نسوا ذكر الله ، { فَنَسِيَهُمْ } أي : عاملهم
معاملة من نسيهم ، كقوله تعالى : { وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } [ الجاثية : 34 ]{[13612]} { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } أي : الخارجون عن طريق الحق ، الداخلون في طريق الضلالة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.