في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

( وشاهد ومشهود ) . . في ذلك اليوم الذي تعرض فيه الأعمال ، وتعرض فيه الخلائق ، فتصبح كلها مشهودة ، ويصبح الجميع شاهدين . . ويعلم كل شيء . ويظهر مكشوفا لا يستره ساتر عن القلوب والعيون . .

وتلتقي السماء ذات البروج ، واليوم الموعود ، وشاهد ومشهود . . تلتقي جميعا في إلقاء ظلال الاهتمام والاحتفال والاحتشاد والضخامة على الجو الذي يعرض فيه بعد ذلك حادث الأخدود . . كما توحي بالمجال الواسع الشامل الذي يوضع فيه هذا الحادث . وتوزن فيه حقيقته ويصفى فيه حسابه . . وهو أكبر من مجال الأرض ، وأبعد من مدى الحياة الدنيا وأجلها المحدود . .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

{ وشاهد ومشهود } من يحضر ذلك اليوم من الخلائق المبعوثين . وما يحضر فيه من الأهوال والعجائب ؛ من الشهادة بمعنى الحضور . أو من يشهد في ذلك اليوم على غيره ، ومن يشهد عليه فيه ؛ من الشهادة على الخصم ، أوله . أقسم الله بالسماء ذات البروج لما فيها من الدلالة على القدرة . وبيوم القيامة وما فيه تعظيما له ، وإرهابا لمنكريه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

شاهد ومشهود : جميع ما خلق الله في هذا العالم .

وبجميع ما خلق اللهُ في هذا الكون العجيب ، مما يشهده الناس ويرونه رأيَ العين . وبهذا يوجه الله تعالى أنظارنا إلى ما في هذا الكون الواسع الكبير من العظمة والفخامة والحكمة ، لنعتبر ونتعظ ، ونعلم أن الله الذي خلق هذا الكون هو الذي يستحق أن يعبد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

{ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } وشمل هذا كل من اتصف بهذا الوصف أي : مبصر ومبصر ، وحاضر ومحضور ، وراء ومرئي .

والمقسم عليه ، ما تضمنه هذا القسم من آيات الله الباهرة ، وحكمه الظاهرة ، ورحمته الواسعة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

ابن العربي: روى عباد بن مطر الرهاوي، عن مالك، عن عمارة عن عبد الله بن صياد، عن نافع بن جبير، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وشاهد ومشهود} قال: الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ": اختلف أهل التأويل في معنى ذلك؛

فقال بعضهم: معنى ذلك: وأقسم بشاهد، قالوا: وهو يوم الجمعة، ومشهود، قالوا: وهو يوم عرفة...

وقال آخرون: الشاهد: محمد، والمشهود: يوم القيامة...

وقال آخرون: الشاهد: الإنسان، والمشهود: يوم القيامة...

وقال آخرون: الشاهد: محمد، والمشهود: يوم الجمعة... وقال آخرون: الشاهد الله، والمشهود: يوم القيامة...

وقال آخرون: الشاهد: يوم الأضحى، والمشهود: يوم الجمعة...

وقال آخرون: الشاهد: يوم الأضحى، والمشهود، يوم عَرَفة...

وقال آخرون: المشهود: يوم الجمعة...

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: ثني عمي عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أيمن، عن عبادة بن نسيّ، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكْثِرُوا عَليّ الصّلاةَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فإنّهُ يَوْمٌ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ المَلائِكَةُ».

والصواب من القول في ذلك عندنا: أن يقال: إن الله أقسم بشاهد شهد، ومشهود شُهد، ولم يخبرنا مع إقسامه بذلك أيّ شاهد وأيّ مشهود أراد، وكلّ الذي ذكرنا أن العلماء قالوا: هو المعنيّ مما يستحقّ أن يُقال له شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

اختلف في تأويله؛ فمنهم من قال: الشاهد، هو الله تعالى، والمشهود، هو الخلق، واستدل على ذلك بقوله: {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد} [المائدة: 117]. وقيل: الشاهد الرسول صلى الله عليه وسلم والمشهود أمته، قال الله تعالى: {ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء} [النحل: 89]. ومنهم من يقول: الشاهد هو الكاتبان اللذان يكتبان على ابن آدم أعماله، والمشهود هو الإنسان الذي يكتب عليه. ومنهم من يقول: الشاهد والمشهود، هو الإنسان نفسه، أي جعل من نفسه شهودا بقوله: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} [النور: 24]. ومنهم من يقول: الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة؛ سمي يوم الجمعة شاهدا لأنه هو الذي يشهدهم، ويأتيهم، وسمي يوم عرفة مشهودا لأن عرفة اسم مكان، والناس يأتونها، ويشهدونها، ولا تأتيهم؛ فعظم شأن عرفة لما يعظمها أهل الأديان كلها، وعظم يوم الجمعة لأنه يوم عيد المسلمين...فأقسم بهما.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

... وقال مجاهد وعكرمة أيضاً: الشاهد آدم وجميع ذريته، والمشهود يوم القيامة... وقال بعض العلماء: الشاهد الملائكة المتعاقبون في الأمة، والمشهود قرآن الفجر، وتفسيره قول الله تعالى: {إن قرآن الفجر كان مشهوداً} [الإسراء: 87]...

أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

المسألة الْأُولَى: الشَّاهِدُ فَاعِلٌ من شَهِدَ، وَالْمَشْهُودُ مَفْعُولٌ مِنْهُ، وَلَمْ يَأْتِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِعَيْنِهِ، فَيَجِبُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى كُلِّ شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ...

وَلَيْسَ إلَى التَّخْصِيصِ سَبِيلٌ بِغَيْرِ أَثَرٍ صَحِيحٍ.

المسألة الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ الشَّاهِدُ اللَّهَ فَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهُ وَمُتَعَلَّقَهُ فِي الْأَمَدِ الْأَقْصَى، وَإِذَا كَانَ الرَّسُولَ وَالْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ: «لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا» وَهَذَا إذَا تَتَبَّعْته بِالْأَخْبَارِ وَجَدْته كَثِيرًا فِي جَمَاعَةٍ.

وَأَمَّا الْمَشْهُودُ فَعَلَّقَهُ بِكُلِّ مَشْهُودٍ فِيهِ، وَمَشْهُودٍ عَلَيْهِ، وَمَشْهُودٍ بِهِ، حَسْبَ مُتَعَلِّقَاتِ الْفِعْلِ بِأَقْسَامِ الْمَفْعُولِ فَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ صَحِيحٌ سَائِغٌ لُغَةً وَمَعْنًى، فَاحْمِلْهُ عَلَيْهِ وَعَمِّمْهُ فِيهِ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وأما الشاهد والمشهود، فقد اضطرب أقاويل المفسرين فيه، والقفال أحسن الناس كلاما فيه، قال: إن الشاهد يقع على شيئين؛

(أحدهما): الشاهد الذي تثبت به الدعاوى والحقوق.

(والثاني): الشاهد الذي هو بمعنى الحاضر، كقوله: {عالم الغيب والشهادة} ويقال: فلان شاهد وفلان غائب، وحمل الآية على هذا الاحتمال الثاني أولى...

.

إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: إن حملنا الشهود على الحضور احتملت الآية وجوها من التأويل؛

(أحدها): أن المشهود هو يوم القيامة، والشاهد هو الجمع الذي يحضرون فيه، وهو مروي عن ابن عباس والضحاك، ويدل على صحة هذا الاحتمال وجوه؛

(الأول): أنه لا حضور أعظم من ذلك الحضور، فإن الله تعالى يجمع فيه خلق الأولين والآخرين من الملائكة والأنبياء والجن والإنس، وصرف اللفظ إلى المسمى الأكمل أولى.

(والثاني): أنه تعالى ذكر اليوم الموعود، وهو يوم القيامة، ثم ذكر عقيبه: {وشاهد ومشهود} وهذا يناسب أن يكون المراد بالشاهد من يحضر في ذلك اليوم من الخلائق، وبالمشهود ما في ذلك اليوم من العجائب...

.وإنما حسن القسم بيوم القيامة للتنبيه على القدرة إذ كان هو يوم الفصل والجزاء ويوم تفرد الله تعالى فيه بالملك والحكم، وهذا الوجه اختيار ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن بن علي وابن المسيب والضحاك والنخعي والثوري.

(وثانيها): أن يفسر المشهود بيوم الجمعة...

(وثالثها): أن يفسر المشهود بيوم عرفة والشاهد من يحضره من الحاج وحسن القسم به تعظيما لأمر الحج روي أن الله تعالى يقول للملائكة يوم عرفة: «انظروا إلى عبادي شعثا غبرا أتوني من كل فج عميق أشهدكم أني قد غفرت لهم وأن إبليس يصرخ ويضع التراب على رأسه لما يرى من ذلك» والدليل على أن يوم عرفة مسمى بأنه مشهود قوله تعالى: {وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم}.

(ورابعها): أن يكون المشهود يوم النحر وذلك لأنه أعظم المشاهد في الدنيا فإنه يجتمع أهل الشرق والغرب في ذلك اليوم بمنى والمزدلفة وهو عيد المسلمين، ويكون الغرض من القسم به تعظيم أمر الحج.

(وخامسها): حمل الآية على يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر جميعا لأنها أيام عظام فأقسم الله بها كما أقسم بالليالي العشر والشفع والوتر، ولعل الآية عامة لكل يوم عظيم من أيام الدنيا ولكل مقام جليل من مقاماتها وليوم القيامة أيضا لأنه يوم عظيم...

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

{وشاهد ومشهود}: هذان منكّران، وينبغي حملهما على العموم لقوله: {علمت نفس ما أحضرت} وإن كان اللفظ لا يقتضيه، لكن المعنى يقتضيه، إذ لا يقسم بنكرة ولا يدري من هي. فإذا لوحظ فيها معنى العموم، اندرج فيها المعرفة فحسن القسم. وكذا ينبغي أن يحمل ما جاء من هذا النوع نكرة، كقوله: {والطور وكتاب مسطور} ولأنه إذا حمل {وكتاب مسطور} على العموم دخل فيه معنيان: الكتب الإلهية، كالتوراة والإنجيل والقرآن، فيحسن إذ ذاك القسم به. ولما ذكر واليوم الموعود، وهو يوم القيامة باتفاق، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ناسب أن يكون المقسم به من يشهد في ذلك اليوم ومن يشهد عليه. إن كان ذلك من الشهادة، وإن كان من الحضور، فالشاهد: الخلائق الحاضرون للحساب، والمشهود: اليوم، كما قال تعالى: {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود} كان موعوداً به فصار مشهوداً، وقد اختلفت أقوال المفسرين في تعيينهما...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(وشاهد ومشهود).. في ذلك اليوم الذي تعرض فيه الأعمال، وتعرض فيه الخلائق، فتصبح كلها مشهودة، ويصبح الجميع شاهدين.. ويعلم كل شيء. ويظهر مكشوفا لا يستره ساتر عن القلوب والعيون..

وتلتقي السماء ذات البروج، واليوم الموعود، وشاهد ومشهود.. تلتقي جميعا في إلقاء ظلال الاهتمام والاحتفال والاحتشاد والضخامة على الجو الذي يعرض فيه بعد ذلك حادث الأخدود.. كما توحي بالمجال الواسع الشامل الذي يوضع فيه هذا الحادث. وتوزن فيه حقيقته ويصفى فيه حسابه.. وهو أكبر من مجال الأرض، وأبعد من مدى الحياة الدنيا وأجلها المحدود..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

مراد بهما النوع. فالشاهد: الرائي، أو المخبر بحق لإِلزام منكره. والمشهود: المَرئي أو المشهود عليه بحق. وحذف متعلق الوصفين لدلالة الكلام عليه فيجوز أن يكون الشاهد حاضرَ ذلك اليوم الموعود من الملائكة قال تعالى: {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد} [ق: 21]. ويجوز أن يكون الشاهد الله تعالى ويؤيده قوله: {واللَّه على كل شيء شهيد} أو الرسل والملائكة. والمشهود: الناس المحشورون للحساب وهم أصحاب الأعمال المعرَّضون للحساب لأن العرف في المجامع أن الشاهد فيها: هو السالم من مشقتها وهم النظارة الذين يطَّلعون على ما يجري في المجمع، وأن المشهود: هو الذي يطَّلعُ الناسُ على ما يجري عليه...

وعلى مختلف الوجوه فالمناسبة ظاهرة بين {شاهد ومشهود} وبين ما في المقسم عليه من قوله: {وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود}، وقوله: {إذ هم عليها قعود} أي حضور...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

{ وشاهد } يوم الجمعة { ومشهود } يعني يوم عرفة

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

" وشاهد ومشهود " اختلف فيهما . فقال علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة . وهو قول الحسن . ورواه أبو هريرة مرفوعا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة . . . ) خرجه أبو عيسى الترمذي في جامعه ، وقال : هذا حديت [ حسن ]{[15887]} غريب ، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة ، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث ، ضعفه يحيى بن سعيد وغيره . وقد روى شعبة وسفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عنه . قال القشيري فيوم الجمعة يشهد على كل عامل بما عمل فيه .

قلت : وكذلك سائر الأيام والليالي ، فكل يوم شاهد ، وكذا كل ليلة ، ودليله ما رواه أبو نعيم الحافظ عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس من يوم يأتي على العبد إلا ينادي فيه : يا ابن آدم ، أنا خلق جديد ، وأنا فيما تعمل عليك شهيد ، فاعمل في خيرا أشهد لك به غد ، فإني لو قد مضيت لم ترني أبدا ، ويقول الليل مثل ذلك ) . حديث غريب من حديث معاوية ، تفرد به عنه زيد العمري ، ولا أعلمه مرفوعا . عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد . وحكى القشيري عن ابن عمر وابن الزبير أن الشاهد يوم الأضحى . وقال سعيد بن المسيب : الشاهد : التروية ، والمشهود : يوم عرفة . وروى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه : الشاهد يوم عرفة ، والمشهود يوم النحر . وقاله النخعي . وعن علي أيضا : المشهود يوم عرفة . وقال ابن عباس والحسين بن علي رضي الله عنهما : المشهود يوم القيامة ؛ لقوله تعالى : " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود{[15888]} " [ هود : 103 ] .

قلت : وعلى هذا اختلفت أقوال العلماء في الشاهد ، فقيل : الله تعالى . عن ابن عباس والحسن وسعيد - بن جبير . بيانه : " وكفى بالله شهيدا " {[15889]} [ النساء : 79 ] ، " قل أي شيء أكبر شهادة ؟ قل الله شهيد{[15890]} بيني وبينكم " [ الأنعام : 19 ] . وقيل : محمد صلى الله عليه وسلم . عن ابن عباس أيضا والحسين ابن علي ، وقرأ ابن عباس " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا{[15891]} " [ النساء : 41 ] ، وقرأ الحسين " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا " [ الأحزاب : 45 ] .

قلت : وأقرأ أنا " ويكون الرسول عليكم شهيدا " . وقيل : الأنبياء يشهدون على أممهم ؛ لقوله تعالى : " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد{[15892]} " [ النساء : 41 ] . وقيل : آدم . وقيل : عيسى بن مريم ؛ لقوله : " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم " {[15893]} [ المائدة : 117 ] . والمشهود : أمته . وعن ابن عباس أيضا ومحمد بن كعب : الشاهد الإنسان . دليله : " كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " [ الإسراء : 14 ] . مقاتل : أعضاؤه . بيانه : " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون{[15894]} " [ النور : 24 ] . الحسين بن الفضل : الشاهد هذه الأمة ، والمشهود سائر الأمم . بيانه : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " [ البقرة : 143 ] . وقيل : الشاهد : الحفظة ، والمشهود : بنو آدم . وقيل : الليالي والأيام . وقد بيناه .

قلت : وقد يشهد المال على صاحبه ، والأرض بما عمل عليها ، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا المال خضر حلو ، ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وإنه من يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة ) . وفي الترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : " يومئذ تحدث أخبارها " [ الزلزلة : 4 ] قال : ( أتدرون ما أخبارها ) ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ( فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول عمل يوم كذا كذا كذا وكذا . قال : فهذه أخبارها ) . قال حديث حسن غريب صحيح . وقيل : الشاهد الخلق ، شهدوا لله عز وجل بالوحدانية . والمشهود له بالتوحيد هو الله تعالى . وقيل : المشهود يوم الجمعة ، كما روى أبو الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة . . . ) وذكر الحديث . خرجه ابن ماجه وغيره .

قلت : فعلى هذا يوم عرفة مشهود ، لأن الملائكة تشهده ، وتنزل فيه بالرحمة{[15895]} . وكذا يوم النحر إن شاء الله . وقال أبو بكر العطار : الشاهد الحجر الأسود ، يشهد لمن لمسه بصدق وإخلاص ويقين . والمشهود الحاج . وقيل : الشاهد الأنبياء ، والمشهود محمد صلى الله عليه وسلم ، بيانه : " وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة " إلى قوله تعالى " وأنا معكم من الشاهدين " [ آل عمران : 81 ] .


[15887]:الزيادة من صحيح الترمذي.
[15888]:راجع جـ 9 ص 96.
[15889]:راجع جـ 5 ص 287، 197.
[15890]:راجع جـ 6 ص 399.
[15891]:راجع جـ 14 ص 199.
[15892]:راجع جـ 5 ص 287، 197.
[15893]:راجع جـ 2 ص 153.
[15894]:راجع جـ 6 ص 376.
[15895]:راجع جـ 4 ص 124.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَشَاهِدٖ وَمَشۡهُودٖ} (3)

ولما كان الجمع لأجل العرض ، وكان العرض لا بد فيه من شهود ومشهود عليهم وجدال على عهود ، قال منكّراً للإبهام للتعظيم والتعميم مثل { علمت نفس ما أحضرت } [ التكوير :14 ] : { وشاهد } أي كريم من الأولياء { ومشهود * } أي في نفسه من الأعيان والآثار الهائلة ، أو عليه فإنه يوم-{[72472]} تشهده جميع الخلائق ، ويحضر فيه من العجائب أمور يكل عنها الوصف ، ويحضره الأنبياء الشاهدون وأممهم المشهود عليهم ، ولا تبقى صغيرة من الأعمال ولا كبيرة إلاّ أحصيت ، وفي ذلك أشد وعيد لجميع العبيد .


[72472]:زيد من ظ و م.