في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} (29)

21

وحين يصل بهم إلى فعل الله بمن هو مسرف كذاب ، يهجم عليهم مخوفاً بعقاب الله ، محذراً من بأسه الذي لا ينجيهم منه ما هم فيه من ملك وسلطان ، مذكراً إياهم بهذه النعمة التي تستحق الشكران لا الكفران :

( يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض . فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا ? ) . .

إن الرجل يشعر بما يشعر به القلب المؤمن ، من أن بأس الله أقرب ما يكون لأصحاب الملك والسلطان في الأرض ؛ فهم أحق الناس بأن يحذروه ، وأجدر الناس بأن يحسوه ويتقوه ، وأن يبيتوا منه على وجل ، فهو يتربص بهم في كل لحظة من لحظات الليل والنهار . ومن ثم يذكرهم بما هم فيه من الملك والسلطان ، وهو يشير إلى هذا المعنى المستقر في حسه البصير . ثم يجمل نفسه فيهم وهو يذكرهم ببأس الله : ( فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا ? )ليشعرهم أن أمرهم يهمه ، فهو واحد منهم ، ينتظر مصيره معهم ؛ وهو إذن ناصح لهم مشفق عليهم ، لعل هذا أن يجعلهم ينظرون إلى تحذيره باهتمام ، ويأخذونه مأخذ البراءة والإخلاص . وهو يحاول أن يشعرهم أن بأس الله إن جاء فلا ناصر منه ولا مجير عليه ، وأنهم إزاءه ضعاف ضعاف .

هنا يأخذ فرعون ما يأخذ كل طاغية توجه إليه النصيحة . تأخذه العزة بالإثم . ويرى في النصح الخالص افتياتاً على سلطانه ، ونقصاً من نفوذه ، ومشاركة له في النفوذ والسلطان :

( قال فرعون : ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) . .

إنني لا أقول لكم إلا ما أراه صواباً ، وأعتقده نافعاً . وإنه لهو الصواب والرشد بلا شك ولا جدال ! وهل يرى الطغاة إلا الرشد والخير والصواب ? ! وهل يسمحون بأن يظن أحد أنهم قد يخطئون ? ! وهل يجوز لأحد أن يرى إلى جوار رأيهم رأياً ? ! وإلا فلم كانوا طغاة ? !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} (29)

{ ظاهرين في الأرض } غالبين عالين على بني إسرائيل في أرض مصر ، لا يقاومكم أحد في هذا الوقت . { فمن ينصرنا من بأس الله } أي عذابه{ إن جاءنا } فلا تتعرضوا بقتله لعذاب الله ونقمته .

{ ما أريكم . . . } ما أشير عليكم برأي إلا بما أرى من قتله .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} (29)

ظاهرين : غالبين .

ما أريكم إلا ما أرى : ما أعلّمكم إلا ما أعلم من الصواب .

ثم أضاف يقول : يا قومي ، إن الملك لكم اليوم وأنتم ظاهرون في أرض مصر ، فمن ينقذنا من عذاب الله إن جاءنا ! ؟

فلم يلتفت فرعون إليه ، وقال لقومه : { مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أرى وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرشاد } واستمر على عناده وكفره .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} (29)

ثم حذر قومه ونصحهم ، وخوفهم عذاب الآخرة ، ونهاهم عن الاغترار بالملك الظاهر ، فقال : { يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } أي : في الدنيا { ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ } على رعيتكم ، تنفذون فيهم ما شئتم من التدبير ، فهبكم حصل لكم ذلك وتم ، ولن يتم ، { فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ } أي : عذابه { إِنْ جَاءَنَا } ؟ وهذا من حسن دعوته ، حيث جعل الأمر مشتركًا بينه وبينهم بقوله : { فَمَنْ يَنْصُرُنَا } وقوله : { إِنْ جَاءَنَا } ليفهمهم أنه ينصح لهم كما ينصح لنفسه ، ويرضى لهم ما يرضى لنفسه .

ف { قَالَ فِرْعَوْنُ } معارضًا له في ذلك ، ومغررًا لقومه أن يتبعوا موسى : { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } وصدق في قوله : { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى } ولكن ما الذي رأى ؟

رأى أن يستخف قومه فيتابعوه ، ليقيم بهم رياسته ، ولم ير الحق معه ، بل رأى الحق مع موسى ، وجحد به مستيقنًا له .

وكذب في قوله : { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } فإن هذا قلب للحق ، فلو أمرهم باتباعه اتباعًا مجردًا على كفره وضلاله ، لكان الشر أهون ، ولكنه أمرهم باتباعه ، وزعم أن في اتباعه اتباع الحق وفي اتباع الحق ، اتباع الضلال .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} (29)

{ يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض } هذا من قول مؤمن آل فرعون أعلمهم أن لهم الملك ظاهرين عالين على بني إسرائيل في أرض مصر ثم أعلمهم أن عذاب الله لا يدفعه دافع فقال { فمن ينصرنا من بأس الله } أي من يمنعنا من عذابه { إن جاءنا } ف { قال فرعون } حين منع من قتله { ما أريكم } من الرأي والنصيحة { إلا ما أرى } لنفسي

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} (29)

{ يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ } حال من ضمير { لكم } وفي ذلك ينبههم الرجل المؤمن إلى أنهم في زمامهم أولو مُلك ومنعة وشوكة { ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ } يعني أولي بأس وقوة في أرض مصر ، عالين فيها على بني إسرائيل . أي لكم ملك مصر وقد علوتم الناس وقهرتموهم فلا تفسدوا أمركم على أنفسكم ولا تتعرضوا لعذاب الله وشديد بأسه وانتقامه . وهو قوله : { فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا } يحذِّرُ قومه بأس الله وأليم عقابه وانتقامه فإنه إن نزل بهم فلا طاقة لهم بدفعه أو احتماله وليس لهم من أحد يغنيهم أو يمنعهم من البلاء إن حاق بهم . لكن فرعون ذو طبع غليظ كزٍّ ، وقلب شديد القسوة بور ، لا يصيخ لموعظة ولا يرق لعبرة أو نصح . بل ظل موغلا في الجحود والتكذيب والصدِّ عن دين الله بالقهر والتجبر فقال : { مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ } يعني ما أشير عليكم بما أراه وهو قتل موسى ولا أستصوب غير قتله . وما تقولونه أنتم خلاف ذلك فهو غير سديد { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ } يعني ما أدلكم برأيي هذا إلا سبيل الصواب والسداد{[4016]} .


[4016]:الكشاف ج 3 ص 423-425 وتفسير النسفي ج 4 ص 76-77