تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡيَوۡمَ ظَٰهِرِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَآ أُرِيكُمۡ إِلَّا مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهۡدِيكُمۡ إِلَّا سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} (29)

الآية 29 وقوله تعالى : { يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا } يخرّج على وجهين :

أحدهما : يحتمل أن يقول ذلك [ بعد ]{[18242]} ما سألوه أن يتّبع دينهم وما هم فيه : إني لو اتبعتكم ، وأجبتكم ، ومعكم الملك والحشم والغلبة ، وليس معي ذلك . فإذا جاء بأس الله وعذابه ، فصرتم أنتم ممتنعين /477– أ/ عنه بما معكم { فمن ينصرنا من بأس الله } بأمره [ من ]{[18243]} عذاب الله ؟

وليس معناه ذلك ، وإن كان يعلم حقيقة أن ما معهم من الغلبة لا يمنع من عذاب الله . لكن قال ذلك بناء على اعتقادهم إظهارا للعذاب عندهم كيلا يقدموا على قتله لصيانة حياته . ومثل هذا لا بأس [ به ]{[18244]} والله أعلم .

والثاني : يقول على الرّفق بهم وإظهار الموافقة لهم في الظاهر ؛ يقول : إنه قد جاءنا من الله [ من ]{[18245]} البينات ما أوضح الحق ، وبيّن السبيل . فإذا رددنا ذلك ، وكذّبناه{[18246]} جاءنا بأس الله جملة وعذابه . فمن يمنعنا عنه ، وينصرنا من عذابه إذا خالفنا أمره ، وتركنا اتباع دينه ؟ على هذين القولين يخرّج القول فيه{[18247]} ، والله أعلم .

وقوله عز وجل : { قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى } قال بعضهم : أي ما آمركم إلا بما رأيته لنفسي .

وقال بعضهم : ما أختار لكم إلا لنفسي ذلك . لكن اللعين لن يختار لنفسه لأن ما اختار لنفسه باطل فاسد ، وكذب اللعين أيضا حين{[18248]} قال : { ما أريكم إلا ما أرى } ما أختار لكم إلا ما أختار لنفسي لأنه اختار لهم أن يعبدوه ، ولم يختر لنفسه عبادة أولئك : أن يعبدهم ، فهو كذب من القول .

وقوله تعالى : { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } بل كان يهديهم سبيل الغيّ .


[18242]:من م، ساقطة من الأصل.
[18243]:ساقطة من الأصل وم.
[18244]:من م، ساقطة من الأصل.
[18245]:ساقطة من الأصل وم.
[18246]:في الأصل وم: وكذبناهم.
[18247]:في الأصل وم: منه.
[18248]:في الأصل وم: حيث.