في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (71)

62

( وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً ) . ( حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها ) . .

واستقبلهم خزنتها يسجلون استحقاقهم لها ويذكرونهم بأسباب مجيئهم إليها :

( وقال لهم خزنتها : ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا )?

( قالوا : بلى . ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ) . .

فالموقف موقف إذعان وتسليم . لا موقف مخاصمة ولا مجادلة . وهم مقرون مستسلمون !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (71)

{ زمرا } جماعات متفرقة بعضها في إثر بعض . جمع زمرة وهي الجماعة القليلة ؛ ومنه شاة زمرة : أي قليلة الشعر . ورجل زمر : أي قليل المروءة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (71)

لما ذكر تعالى حكمه بين عباده ، الذين جمعهم في خلقه ورزقه وتدبيره ، واجتماعهم في الدنيا ، واجتماعهم في موقف القيامة ، فرقهم تعالى عند جزائهم ، كما افترقوا في الدنيا بالإيمان والكفر ، والتقوى والفجور ، فقال : { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ } أي : سوقا عنيفا ، يضربون بالسياط الموجعة ، من الزبانية الغلاظ الشداد ، إلى شر محبس وأفظع موضع ، وهي جهنم التي قد جمعت كل عذاب ، وحضرها كل شقاء ، وزال عنها كل سرور ، كما قال تعالى : { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } أي : يدفعون إليها دفعا ، وذلك لامتناعهم من دخولها .

ويساقون إليها { زُمَرًا } أي : فرقا متفرقة ، كل زمرة مع الزمرة التي تناسب عملها ، وتشاكل سعيها ، يلعن بعضهم بعضا ، ويبرأ بعضهم من بعض . { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا } أي : وصلوا إلى ساحتها { فُتِحَتْ } لهم أي : لأجلهم { أَبْوَابُهَا } لقدومهم وقِرًى لنزولهم .

{ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } مهنئين لهم بالشقاء الأبدي ، والعذاب السرمدي ، وموبخين لهم على الأعمال التي أوصلتهم إلى هذا المحل الفظيع : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ } أي : من جنسكم تعرفونهم وتعرفون صدقهم ، وتتمكنون من التلقي عنهم ؟ . { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ } التي أرسلهم اللّه بها ، الدالة على الحق اليقين بأوضح البراهين .

{ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } أي : وهذا يوجب عليكم اتباعهم والحذر من عذاب هذا اليوم ، باستعمال تقواه ، وقد كانت حالكم بخلاف هذه الحال ؟

{ قَالُوا } مقرين بذنبهم ، وأن حجة اللّه قامت عليهم : { بَلَى } قد جاءتنا رسل ربنا بآياته وبيناته ، وبينوا لنا غاية التبيين ، وحذرونا من هذا اليوم . { وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } أي : بسبب كفرهم وجبت عليهم كلمة العذاب ، التي هي لكل من كفر بآيات اللّه ، وجحد ما جاءت به المرسلون ، فاعترفوا بذنبهم وقيام الحجة عليهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (71)

قوله تعالى : { وسيق الذين كفروا إلى جهنم } سوقاً عنيفاً { زمراً } أفواجاً بعضها على إثر بعض كل أمة على حدة . قال أبو عبيدة والأخفش : " زمراً " أي : جماعات في تفرقة ، واحدتها زمرة . { حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها } السبعة ، وكانت مغلقة قبل ذلك . قرأ أهل الكوفة " فتحت " وفتحت بالتخفيف . وقرأ الآخرون بالتشديد على التكثير . { وقال لهم خزنتها } توبيخا ، ً وتقريعاً لهم . { ألم يأتكم رسل منكم } من أنفسكم ، { يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت } وجبت { كلمة العذاب على الكافرين } وهو قوله { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } ( الأنبياء-48 ) .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (71)

قوله تعالى : " وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا " هذا بيان توفية كل نفس عملها ، فيساق الكافر إلى النار والمؤمن إلى الجنة . والزمر : الجماعات واحدتها زمرة كظلمة وغرفة . وقال الأخفش وأبو عبيدة : " زمرا " جماعات متفرقة بعضها إثر بعض . قال الشاعر :

وترى الناس إلى منزلِه *** زُمَرا تنتابُه بعد زمر

وقال آخر :

حتى احْزَأَلَّتْ *** زُمَرٌ بعدَ زُمَرْ

وقيل : دفعا وزجرا بصوت كصوت المزمار . " حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها " جواب إذا ، وهي سبعة أبواب . وقد مضى في " الحجر " {[13346]} . " وقال لهم خزنتها " واحدهم خازن نحو سدنة وسادن ، " ألم يأتكم رسل منكم " يقولون لهم تقريعا وتوبيخا . " ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم " أي الكتب المنزلة على الأنبياء . " وينذرونكم لقاء يومكم هذا " أي يخوفونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى " أي قد جاءتنا ، وهذا اعتراف منهم بقيام الحجة عليهم " ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين " وهي قوله تعالى : " لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " [ السجدة : 13 ] .


[13346]:راجع ج 10 ص 30 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (71)

{ زمرا } في الموضعين جمع زمرة وهي الجماعة من الناس وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أول زمرة يدخلون الجنة وجوههم على مثل القمر ليلة البدر والزمرة الثانية على مثل أشد نجم في السماء إضاءة ثم هم بعد ذلك منازل ) .

{ خزنتها } جمع خازن حيث وقع .

{ كلمة العذاب } : يعني القضاء السابق بعذابهم .

{ وفتحت أبوابها } إنما قال : في الجنة { وفتحت أبوابها } بالواو وقال : في النار { فتحت } بغير واو لأن أبواب الجنة كانت مفتحة قبل مجيء أهلها والمعنى حتى إذا جاؤوها وأبوابها مفتحة فالواو واو الحال وجواب { إذا } على هذا محذوف وأما أبواب النار فإنها { فتحت } حين جاؤوها فوقع قوله : فتحت جواب الشرط فكأنه بغير واو وقال الكوفيون : الواو في أبواب الجنة واو الثمانية لأن أبواب الجنة ثمانية وقيل : الواو زائدة و{ فتحت } هو الجواب .