بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (71)

ثم قال : { وَسِيقَ الذين كَفَرُواْ } أي : يساق الذين كفروا ، { إلى جَهَنَّمَ زُمَراً } يعني : أمة أمة ، فوجاً فوجاً ، وواحدتها زمرة ، { حتى إِذَا جَاءوهَا } يعني : جهنم ، { فُتِحَتْ أبوابها } وقال أصحاب اللغة : جهنم في أصل اللغة جهنام . وهي بئر لا قعر لها . فحذفت الألف ، وشددت النون ، فسميت جهنم . قرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم : { فُتِحَتْ } بتخفيف التاء . والباقون : بالتشديد . فمن قرأ بالتشديد ، فلتكثير الفعل . ومن قرأ بالتخفيف ، فعلى فعل الواحد . وكذلك الاختلاف في الذي بعده .

{ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } أي : خزنة جهنم ، وواحدها خازن . وقال القتبي : الواو قد تزاد في الكلام ، والمراد به حذفه ، كقوله : { حتى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } [ الأنبياء : 96 ] يعني : اقترب ، وكقوله : { وَسِيقَ الذين كفروا إلى جَهَنَّمَ زُمَراً حتى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أبوابها وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيات رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هذا قَالُواْ بلى ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب عَلَى الكافرين } [ الزمر : 71 ] يعني : قال لهم . وهذا في كلام العرب ظاهر ، كما قال امرؤ القيس .

*** فلما أجزنا ساحة الحي ، وانتحى ***

يعني : انتحى بغير واو .

ثم قال : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } يعني : آدمياً مثلكم تفهمون كلامه { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيات رَبّكُمْ } يعني : يقرؤون عليكم ما أوحي إليهم ، { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا } يعني : أنهم يخوّفونكم بهذا اليوم ، فكأنه يقول لهم : يا أشقياء ألم يأتكم رسل منكم ؟ فأجابوه : { قَالُواْ بلى } فيقرون بذلك في وقت لا ينفعهم الإقرار ، ولو كان قولهم : بلى في الدنيا ، لكان ينفعهم . ولكنهم قالوا : بلى في وقت لا ينفعهم .

{ ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب عَلَى الكافرين } أي : وجبت كلمة العذاب في علم الله السابق ، أنهم من أهل النار . ويقال : وجبت كلمة العذاب ، وهي قوله الله تعالى : { لأملأن جهنم } [ الأعراف : 18 وغيرها ] .