فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (71)

ثم ذكر سبحانه تفصيل ما ذكره من توفية كل نفس ما كسبت ، فقال : { وَسِيقَ الذين كَفَرُواْ إلى جَهَنَّمَ زُمَراً } أي سيق الكافرون إلى النار حال كونهم زمراً ، أي جماعات متفرّقة بعضها يتلو بعضاً . قال أبو عبيدة ، والأخفش : زمراً جماعات متفرّقة بعضها إثر بعض ، ومنه قول الشاعر :

وترى الناس إلى أبوابه *** زمراً تنتابه بعد زمر

واشتقاقه من الزمر ، وهو الصوت ، إذ الجماعة لا تخلو عنه { حَتَّى إِذَا جَاءوهَا فُتِحَتْ أبوابها } أي فتحت أبواب النار ليدخلوها ، وهي سبعة أبواب ، وقد مضى بيان ذلك في سورة الحجر { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } جمع خازن نحو سدنة وسادن { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } أي من أنفسكم { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايات رَبّكُمْ } التي أنزلها عليهم { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا } أي يخوّفونكم لقاء هذا اليوم الذي صرتم فيه ، قالوا لهم هذا القول تقريعاً وتوبيخاً ، فأجابوا بالاعتراف ، ولم يقدروا عل الجدل الذي كانوا يتعللون به في الدنيا لانكشاف الأمر ، وظهوره ، ولهذا قالوا { بلى } أي قد أتتنا الرسل بآيات الله ، وأنذرونا بما سنلقاه { ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب عَلَى الكافرين } ، وهي { لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ } [ السجدة : 13 ] .

/خ72