البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (71)

الزمر : جمع زمرة ، قال أبو عبيد والأخفش : جماعات متفرقة ، بعضها إثر بعض .

قال :

حتى احزألت زمر بعد زمر . . .

ويقال : تزمر .

ولما ذكر أشياء من أحوال يوم القيامة على سبيل الإجمال ، بين بعد كيفية أحوال الفريقين وما أفضى إليه كل واحد منهما فقال : { وسيق } ، والسوق يقتضي الحث على المسير بعنف ، وهو الغالب فيه .

وجواب إذا : { فتحت أبوابها } ، ودل ذلك على أنه لا يفتح إلا إذا جاءت ؛ كسائر أبواب السجون ، فإنها لا تزال مغلقة حتى يأتي أصحاب الجرائم الذين يسجنون فيها فيفتح ثم يغلق عليهم .

وتقدم ذكر قراءة التخفيف والتشديد في فتحت وأبوابها سبعة ، كما ذكر في سورة الحجر .

{ وقال لهم خزنتها } ، على سبيل التقريع والتوبيخ ، { ألم يأتكم رسل منكم } : أي من جنسكم ، تفهمون ما ينبئونكم به ، وسهل عليكم مراجعتهم .

وقرأ ابن هرمز : تأتكم بتاء التأنيث ؛ والجمهور : بالياء .

{ يتلون عليكم آيات ربكم } : أي الكتب المنزلة للتبشير والنذارة ، { وينذرونكم لقاء يومكم هذا } : وهو يوم القيامة ، وما يلقى فيه المسمى من العذاب ، { قالوا بلى } أي قد جاءتنا ، وتلوا وأنذروا ، وهذا اعتراف بقيام الحجة عليهم ، { ولكن حقت كلمة العذاب } أي قوله تعالى : { لأملأن جهنم } { على الكافرين } : وضع الظاهر موضع المضمر ، أي علينا ، صرحوا بالوصف الموجب لهم العقاب .