قوله : { وَسِيقَ الذين كفروا إلى جَهَنَّمَ زُمَراً } لما شرح أحوال أهل القيامة على سبيل الإجمال وقال : { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } بين بعده كيفية أحوال العقاب ثم كيفية أحوال الثواب ، فأما شرحُ أحوال العقاب فهو هذه الآية وهذا السَّوْق يكون بالعُنُق والدفع بدليل قوله تعالى : { يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } [ الطور : 13 ] أي يدفعون دفعا ، وقوله : { وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً }{[47769]} [ مريم : 86 ] .
قوله : { زُمَراً } حال ، و «زُمَرٌ » جمع «زُمْرة » وهي الجماعات في تفرقة بعضها في إثر بعض ، و «تَزَمَّرُوا » تجمعوا قال :
4311- حَتَّى احْزَأَلَّتْ زمُرٌ بَعْدَ زُمَرْ{[47770]} . . .
هذا قول أبي عبيد ( ة ){[47771]} ، والأخفش{[47772]} ، وقال الراغب : الزُّمْرة الجماعة القليلة ، ومنه شاة زمرة أي قليلة الشعر ، ورجل زَمِرٌ أي قليل المروءة ، وزَمَرَت النَّعَامَةُ تَزْمُر زَمَاراً ومنه اشتق الزّمر . والزَّمَّارة كناية عن الفاجرة{[47773]} .
قوله : { حتى إِذَا } تقدم الكلام في «حتى » الداخلة على «إذا » مِرَاراً{[47774]} ، وجواب «إذا » قوله : فتحت . وتقدم خلاف القراء في التشديد والتخفيف في سورة الأنعام{[47775]} .
قوله : { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ } قرأ ابن هُرْمز أَلَمْ تَأْتِكُمْ بتاء التأنيث لتأنيث الجمع{[47776]} ، و «مِنْكُمْ » صفة «لرسل » أو متعلق بالإتْيان و «يَتْلُونَ » صفة أُخْرى ، و «خَالِدينَ » في الموضعين حال مقدرة .
بين تعالى أنهم يُسَاقُون إلى جهنم فإذا جاءوها فتحت أبوابُها ، وهذا يدل على أن أبواب جهنم تكون مغلقة قبل ذلك وإنما تفتح عند وصول الكفار إليها فإذا دخلوا جهنم قال لهم خزنةُ جهنم : ألم يأتكم رسل منكم أي من جنسكم يتلون عليكم آياتِ ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا .
فإن قيل : لِمَ أضيفَ اليوم إليهم ؟ .
فالجواب : أراد لقاء وقتكم هذا وهو وقت دخولهم النار لا يوم القيامة واستعمال لفظ اليوم ( إليهم ){[47777]} والأيام في أوقات الشدة مستفيض فعند هذا تقول الكفار «بَلَى » أتونا وتَلَوْا علينا «وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ العَذَابِ عَلَى الكَافِرينَ » أي وجبت كلمة العذاب على الكافرين وهي قوله عزو وجل : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ } [ السجدة : 13 ] . وهذا صريح في أن السعيد ( لا ينقلب ){[47778]} شقياً والشقي لا ينقلب سعيداً ، ودلت الآية على أنه لا وجوب قبل مجيء{[47779]} الشرع لأن الملائكة بينوا أنهم ما بقي لهم عُذرٌ ولا علة بعد مجيء الأنبياء - عليهم ( الصلاة و ) السلام- ، ( ولو ){[47780]} لم يكن مجيء الأنبياء شرطاً في استحقاق العذاب لما بقي في هذا الكلام فائدةٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.