وعند هذا الحد من العرض والتعقيب ، يلتفت السياق إلى صفحة أخرى غير صفحة المكذبين . ويعرض صورة أخرى في ظل وادع أمين . صورة المتقين :
( إن المتقين في جنات ونهر . في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) . .
ذلك بينما المجرمون في ضلال وسعر . يسحبون في النار على وجوههم في مهانة . ويلذعون بالتأنيب كما يلذعون بالسعير : ( ذوقوا مس سقر ) . .
وهي صورة للنعيم بطرفيه : ( في جنات ونهر ) . ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) .
نعيم الحس والجوارح في تعبير جامع شامل : ( في جنات ونهر )يلقي ظلال النعماء واليسر حتى في لفظه الناعم المنساب . . وليس لمجرد إيقاع القافية تجيء كلمة( نهر )بفتح الهاء . بل كذلك لإلقاء ظل اليسر والنعومة في جرس اللفظ وإيقاع التعبير !
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ } لله ، بفعل أوامره وترك نواهيه ، الذين اتقوا الشرك والكبائر والصغائر .
{ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } أي : في جنات النعيم ، التي فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، من الأشجار اليانعة ، والأنهار الجارية ، والقصور الرفيعة ، والمنازل الأنيقة ، والمآكل والمشارب اللذيذة ، والحور الحسان ، والروضات البهية في الجنان ، ورضوان الملك الديان ، والفوز بقربه ، ولهذا قال :
قوله تعالى : " إن المتقين في جنات ونهر " لما وصف الكفار وصف المؤمنين أيضا . " ونهر " يعني أنهار الماء والخمر والعسل واللبن ، قاله ابن جريج . ووحد لأنه رأس الآية ، ثم الواحد قد ينبئ عن الجميع . وقيل : في " نهر " في ضياء وسعة ، ومنه النهار لضيائه ، ومنه أنهرت الجرح ، قال الشاعر{[14501]} :
ملكتُ بها كَفّي فَأَنْهَرتُ فَتْقَهَا *** يرى قائمٌ من دونها ما وراءها
وقرأ أبو مجلز وأبو نهيك والأعرج وطلحة بن مصرف وقتادة " ونهر " بضمتين كأنه جمع نهار لا ليل لهم ، كسحاب وسُحُب . قال الفراء : أنشدني بعض العرب :
إن تَكُ ليْلِياً فإني نَهِرُ *** متى أرى الصبح فلا أنتظرُ
لولا الثَّرِيدَان هلكنا بالضُّمُرْ *** ثريدُ ليلٍ وثريدٌ بالنُّهُرْ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.