في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

ثم يبدأ المقطع الأخير في التسبيحة المديدة .

( هو الله ) . . فهي الألوهية الواحدة . وليس غيره بإله .

( الخالق ) . . ( البارئ ) . . والخلق : التصميم والتقدير . والبرء : التنفيذ والإخراج ، فهما صفتان متصلتان والفارق بينهما لطيف دقيق . .

( المصور ) . وهي كذلك صفة مرتبطة بالصفتين قبلها . ومعناها إعطاء الملامح المتميزة والسمات التي تمنح لكل شيء شخصيته الخاصة .

وتوالي هذه الصفات المترابطة اللطيفة الفروق ، يستجيش القلب لمتابعة عملية الخلق والإنشاء والإيجاد والإخراج مرحلة مرحلة - حسب التصور الإنساني - فأما في عالم الحقيقة فليست هناك مراحل ولا خطوات . وما نعرفه عن مدلول هذه الصفات ليس هو حقيقتها المطلقة فهذه لا يعرفها إلا الله . إنما نحن ندرك شيئا من آثارها هو الذي نعرفها به في حدود طاقاتنا الصغيرة !

( له الأسماء الحسنى ) . . الحسنى في ذاتها . بلا حاجة إلى استحسان من الخلق ولا توقف على استحسانهم .

والحسنى التي توحي بالحسن للقلوب وتفيضه عليها . وهي الأسماء التي يتدبرها المؤمن ليصوغ نفسه وفق إيحائها واتجاهها ، إذ يعلم أن الله يحب له أن يتصف بها . وأن يتدرج في مراقيه وهو يتطلع إليها .

وخاتمة هذه التسبيحة المديدة بهذه الأسماء الحسنى ، والسبحة البعيدة مع مدلولاتها الموحية وفي فيوضها العجيبة ، هي مشهد التسبيح لله يشيع في جنبات الوجود ، وينبعث من كل موجود :

يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم . .

وهو مشهد يتوقعه القلب بعد ذكر تلك الأسماء ؛ ويشارك فيه مع الأشياء والأحياء . . كما يتلاقى فيه المطلع والختام . في تناسق والتئام .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

الخالق : الموجِد للأشياء على مقتضى الحكمة .

البارئ : المبرز لها على صفحة الوجود بحسب السنن التي وضعها ، والغرض الذي وجدت له .

المصوِّر : موجد الأشياء على صورها ومُختلف أشكالها كما أراد .

الأسماء الحسنى : الأسماء الدالّة على المعاني التي تظهر في مظاهر هذا الوجود ، فنظم الحياة وبدائع ما فيها دليل على كمال صفاته .

فهو الإله الذي لا ربَّ غيره { لَهُ الأسمآء الحسنى } يسبّح له ما في السموات وما في الأرض وهو العزيزُ الحكيم .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

{ هُوَ الله الخالق } المقدر للأشياء على مقتضى الحكمة ، أو مبدع الأشياء من غير أصل ولا احتذاء ، ويفسر الخلق بإيجاد الشيء من الشيء { البارىء } الموجد لها بريئة من تفاوت ما تقتضيه بحسب الحكمة والجبلة ، وقيل : المميز بعضها عن بعض بالأشكال المختلفة { المصور } الموجد لصورها وكيفياتها كما أراد .

وقال الراغب : الصورة ما تنتقش بها الأعيان وتتميز بها عن غيرها ، وهي ضربان : محسوسة تدركها العامة والخاصة بل الإنسان وكثير من الحيوانات كصورة الفرس المشاهدة . ومعقولة تدركها الخاصة دون العامة كالصورة التي اختص الإنسان بها من العقل والروية والمعاني التي خص بها شيء بشيء ، وإلى الصورتين أشار بقوله سبحانه : { خلقناكم ثُمَّ صورناكم } [ الأعراف : 11 ] إلى آيات أخر انتهى فلا تغفل .

وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه . وحاطب بن أبي بلتعة . والحسن . وابن السميقع { المصور } بفتح الواو والنصب على أنه مفعول للبارىء ، وأريد به جنس المصور ، وعن علي كرم الله تعالى وجهه فتح الواو وكسر الراء على إضافة اسم الفاعل إلى المفعول نحو الضارب الغلام ، وفي الخانية إن قراءة { المصور } بفتح الواو هنا تفسد الصلاة ؛ ولعله أراد إذا أجراه حينئذٍ على الله سبحانه ، وإلا ففي دعوى الفساد بعد ما سمعت نظر .

{ لَهُ الاسماء الحسنى } الدالة على محاسن المعاني { يُسَبّحُ لَهُ مَا في السماوات والأرض } من الموجودات بلسان الحال لما تضمنته من الحكم والمصالح التي يضيق عن حصرها نطاق البيان ، أو بلسان المقال الذي أوتيه كل منها حسبما يليق به على ما قاله كثير من العارفين ، وقد تقدم الكلام فيه { وَهُوَ العزيز الحكيم } الجامع للكمالات كافة فإنها مع تكثرها وتشعبها راجعة إلى كمال القدرة المؤذن به { العزيز } بناءاً على تفسيره بالغالب وإلى كمال العلم المؤذن به { الحكيم } بناءاً على تفسيره بالفاعل بمقتضى الحكمة ، وفي ذلك إشارة إلى التحلية بعد التخلية كما في قوله تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء وَهُوَ السميع البصير } [ الشورى : 11 ] فتأمل ولا تغفل .

ختام السورة:

ولهذه الآيات فضل عظيم كما دلت عليه عدة روايات ، وأخرج الإمام أحمد . والدارمي . والترمذي وحسنه . والطبراني . وابن الضريس . والبيهقي في «الشعب » عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قال : حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات ذلك اليوم مات شهيداً ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة " .

وأخرج الديلمي عن ابن عباس مرفوعاً " اسم الله الأعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر " .

وأخرج أبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في فوائده عن محمد بن الحنفية أن البراء بن عازب قال لعلي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه : أسألك بالله إلا ما خصصتني بأفضل ما خصك به رسول الله عليه الصلاة والسلام مما خصه به جبريل مما بعث به الرحمن عز وجل ، قال : يا براء إذا أردت أن تدعو الله باسمه الأعظم فاقرأ من أول الحديد عشر آيات وآخر الحشر ، ثم قال : يا من هو هكذا وليس شيء هكذا غيره أسألك أن تفعل لي كذا وكذا فوالله يا براء لو دعوت علي لخسف بي .

/ وأخرج الديلمي عن علي كرم الله تعالى وجهه . وابن مسعود رضي الله تعالى عنه مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال في قوله تعالى : { لَوْ أَنزَلْنَا } [ الحشر : 21 ] إلى آخر السورة هي رقية الصداع ، وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخه قال : أنبأنا أبو عبيد الحافظ أنبأ أبو الطيب محمد بن أحمد يوسف بن جعفر المقري البغدادي يعرف بغلام ابن شنبوذ أنبأ إدريس بن عبد الكريم الحداد قال : قرأت على خلف فلما بلغت هذه الآية { لَوْ أَنزَلْنَا هذا القرءان على جَبَلٍ } [ الحشر : 21 ] قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على حمزة فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على الأعمش فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على يحيى بن وثاب فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على علقمة . والأسود فلما بلغت هذه الآية قالا ضع يدك على رأسك فإنا قرأنا على عبد الله رضي الله تعالى عنه فلما بلغنا هذه الآية قال ضعا أيديكما على رءوسكما فإني قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت هذه الآية قال لي : «ضع يدك على رأسك فإن جبريل عليه السلام لما نزل بها إلي قال : ضع يدك على رأسك فإنها شفاء من كل داء إلا السام والسام الموت » إلى غير ذلك من الآثار ، والله تعالى أعلم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

{ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ } لجميع المخلوقات { الْبَارِئُ } للمبروءات { الْمُصَوِّرُ } للمصورات ، وهذه الأسماء متعلقة بالخلق والتدبير والتقدير ، وأن ذلك كله قد انفرد الله به ، لم يشاركه فيه مشارك .

{ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } أي : له الأسماء الكثيرة جدا ، التي لا يحصيها ولا يعلمها أحد إلا الله هو ، ومع ذلك ، فكلها حسنى أي : صفات كمال ، بل تدل على أكمل الصفات وأعظمها ، لا نقص في شيء منها بوجه من الوجوه ، ومن حسنها أن الله يحبها ، ويحب من يحبها ، ويحب من عباده أن يدعوه ويسألوه بها .

ومن كماله ، وأن له الأسماء الحسنى ، والصفات العليا ، أن جميع من في السماوات والأرض مفتقرون إليه على الدوام ، يسبحون بحمده ، ويسألونه حوائجهم ، فيعطيهم من فضله وكرمه ما تقتضيه رحمته وحكمته ، { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الذي لا يريد شيئا إلا ويكون ، ولا يكون شيئا إلا لحكمة ومصلحة .

تم تفسير سورة الحشر ،

فلله الحمد على ذلك ، والمنة والإحسان .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

{ هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم } .

{ هو الله الخالق البارىء } المنشىء من العدم ، { المصور له الأسماء الحسنى } التسعة والتسعون الوارد بها الحديث ، والحسنى مؤنث الأحسن ، { يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم } تقدم أولها .