في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

ثم يجيء الإيقاع الذي يتخلل القلب ويهزه ؛ وهو يعرض أثر القرآن في الصخر الجامد لو تنزل عليه : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله . وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) .

وهي صورة تمثل حقيقة . فإن لهذا القرآن لثقلا وسلطانا وأثرا مزلزلا لا يثبت له شيء يتلقاه بحقيقته . ولقد وجد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما وجد ، عندما سمع قارئا يقرأ : والطور ، وكتاب مسطور ، في رق منشور ، والبيت المعمور ، والسقف المرفوع ، والبحر المسجور ، إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع . . . فارتكن إلى الجدار . ثم عاد إلى بيته يعوده الناس شهرا مما ألم به !

واللحظات التي يكون فيها الكيان الإنساني متفتحا لتلقي شيء من حقيقة القرآن يهتز فيها اهتزازا ويرتجف ارتجافا . ويقع فيه من التغيرات والتحولات ما يمثله في عالم المادة فعل المغنطيس والكهرباء بالأجسام . أو أشد .

والله خالق الجبال ومنزل القرآن يقول : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) . . والذين أحسوا شيئا من مس القرآن في كيانهم يتذوقون هذه الحقيقة تذوقا لا يعبر عنه إلا هذا النص القرآني المشع الموحي .

( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) . .

وهي خليقة بأن توقظ القلوب للتأمل والتفكير . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

خاشعا : منقادا متذللا .

متصدعا : متشققا .

في ختام هذه السورة الكريمة يُشيدُ الله تعالى بالقرآن الكريم ، وأنه هو الإمام المرشدُ الهادي للمؤمنين ، وأن مِن عظمة هذا القرآن أن له قوةً فائقة لو أُنزل مثلها على جبلٍ لخشع ولانَ من خشية الله وكلامه ، وأن البشر أَولى أن يخشعوا لكلام الله وتَلينَ قلوبهم فيتدبّروا ما فيه ويسيروا على هديه .

{ وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } . في حكم القرآن ، وعظمة مُنزله ، ويهتدون بنوره إلى سواء السبيل ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لذكرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيدٌ } [ ق : 37 ] .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

قوله عز وجل : { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله } قيل : لو جعل في الجبل تمييز وأنزل عليه القرآن لخشع وتشقق وتصدع من خشية الله مع صلابته ورزانته ، حذراً من أن لا يؤدي حق الله عز وجل في تعظيم القرآن ، والكافر يعرض عما فيه من العبر كأن لم يسمعها ، يصفه بقساوة القلب . { وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

قوله تعالى : { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا } حث على تأمل مواعظ القرآن وبين أنه لا عذر في ترك التدبر ، فإنه لو خوطب بهذا القرآن الجبال مع تركيب العقل فيها لانقادت لمواعظه ، ولرأيتها على صلابتها ورزانتها خاشعة متصدعة ، أي متشققة من خشية الله . والخاشع : الذليل . والمتصدع : المتشقق . وقيل : { خاشعا } لله بما كلفه من طاعته . " من خشية الله " أن يعصيه فيعاقبه . وقيل : هو على وجه المثل للكفار . { وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } أي أنه لو أنزل هذا القرآن على جبل لخشع لوعده وتصدع لوعيده وأنتم أيها المقهورون بإعجازه لا ترغبون في وعده ، ولا ترهبون من وعيده وقيل : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي لو أنزلنا هذا القرآن يا محمد على جبل لما ثبت ، وتصدع من نزوله عليه ، وقد أنزلناه عليك وثبتناك له ، فيكون ذلك امتنانا عليه أن ثبته لما لا تثبت له الجبال . وقيل : إنه خطاب للأمة ، وأن الله تعالى لو أنذر بهذا القرآن الجبال لتصدعت من خشية الله . والإنسان أقل قوة وأكثر ثباتا ، فهو يقوم بحقه إن أطاع ، ويقدر على رده إن عصى ؛ لأنه موعود بالثواب ، ومزجور بالعقاب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

ولما كان قد مر في هذه السورة فضلاً عما تقدمها من حكمة هذا القرآن وإعجازه تارة بمطابقته لما نزل بسببه مطابقة تجلو عنه كل إشكال ، وتارة بما يشاهد من صدقه فيما أخبر{[64165]} بإتيانه من الأفعال ، وأخرى بما يتحدى به من الأقوال ، ومرة بنظم كل جملة مع ما{[64166]} تقدمها على ما لم يمكن لبشر{[64167]} مثله في الأحوال إلى غير ذلك من أمور لا يحصرها المقال ، ترتب على ذلك قوله مبيناً أن سبب افتراق{[64168]} الفريقين في العقبى افتراقهم في هذا القرآن في الأولى{[64169]} تمثيلاً{[64170]} للقلوب في قسوتها أو لينها عند سماع القرآن وتخيلاً توبيخاً للقاسي ومدحاً للعاطف اللين لافتاً القول إلى أسلوب العظمة لاقتضاء الحال لها : { لو أنزلنا } بعظمتنا التي أبانها هذا الإنزال { هذا القرآن } أي الجامع لجميع العلوم ، الفارق بين كل ملتبس - المبين لجميع الحكم{[64171]} { على جبل } أي أي{[64172]} جبل كان { لرأيته } {[64173]}مع صلابته وفوته{[64174]} يا أشرف الخلق إن لم يتأهل غيرك لمثل تلك الرؤية{[64175]} { خاشعاً } أي مطمئناً مخبتاً على صلابته متذللاً باكياً { متصدعاً } أي متشققاً غاية التشقق كما تصدع{[64176]} الطور لتجلينا له بما دون ذلك من العظمة التي جلونا كلامنا الشريف لموسى عليه السلام في ملابسها { من خشية الله } أي من الخوف العظيم ممن له الكمال كله حذراً من أن لا يكون مؤدياً ما افترض عليه من تعظيم القرآن عند سماعه فما لابن لآدم وقد آتاه الله{[64177]} من العقل ما لم يؤت الجبل يستخف بحقه ، ويعرض عما فيه من العبر ، وفي الآية مدح للنبي صلى الله عليه وسلم في ثباته {[64178]}لما لا تثبت{[64179]} له الجبال ، وذم للمعرضين بكونهم أقسى من الجبال .

ولما كان التقدير تبكيتاً وتوبيخاً لمن لم يرق للقرآن :{ أفلم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق }[ الحديد : 16 ] فإنا قد فصلنا لهم الحلال والحرام والأمر والنهي وأوضحنا الحكم ودللنا على المتشابه وقصصنا الأقاصيص بعد جعلهم عقلاء ناطقين ، فتلك أقاصيص الماضين{[64180]} لعلهم يعتبرون عطف عليه قوله : { وتلك الأمثال } أي التي لا يضاد فيها شيء { نضربها للناس } أي الذي يحتاجونها وهم من فيهم تذبذب واضطراب { لعلهم يتفكرون * } أي لتكون حالهم عند من ينظرهم حال من يرجى تفكره في تلك الأمثال فينفعه ذلك إذا أداه{[64181]} التفكر إلى التذكر فرأى تنبيه الرسول صلى الله عليه وسلم له{[64182]} أن كل ما في القرآن من شيء ففيه مشاهد{[64183]} منه فتطابق له كتاب الخلق و{[64184]}كتاب الأمر فتخلى عن الشهوات البهيمية فنجا من الحظوظ النفسية فتحلى بالملابس الروحانية فصار بالمجاهدات والمنازلات{[64185]} إلى الصفات الملكية فكان أهلاً للمقامات القدسية في الجنان العلية .


[64165]:- زيد في الأصل: به، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64166]:- من ظ وم، وفي الأصل: بما.
[64167]:- من م، وفي الأصل وظ: السر.
[64168]:- من ظ وم، وفي الأصل: اقتران.
[64169]:- زيد من ظ وم.
[64170]:- من ظ وم، وفي الأصل: بمنكم.
[64171]:- من ظ وم، وفي الأصل: الأحكام.
[64172]:- سقط من م.
[64173]:-سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[64174]:-سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[64175]:- زيد من ظ وم.
[64176]:- من ظ وم، وفي الأصل: ندع- كذا.
[64177]:- سقط من م.
[64178]:- من م، وفي الأصل وظ: مما لم يثبت.
[64179]:- من م، وفي الأصل وظ: مما لم يثبت.
[64180]:- من ظ وم، وفي الأصل: الماضي.
[64181]:- من ظ وم، وفي الأصل:**.
[64182]:- زيد من ظ وم.
[64183]:- زيد من ظ وم.
[64184]:- من ظ وم، وفي الأصل: أو.
[64185]:- من م، وفي الأصل: المنازات.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{لَوۡ أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ} (21)

{ لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } .

{ لو أنزلنا هذا القرآن على جبل } وجعل فيه تمييز كالإنسان { لرأيته خاشعاً متصدعاً } متشققاً { من خشية الله وتلك الأمثال } المذكورة { نضربها للناس لعلهم يتفكرون } فيؤمنون .