في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ} (11)

والآن - وقد سقط عنهم غشاء الخداع والضلال - يعرفون أن المتجه لله وحده فيتجهون :

( قالوا : ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ، فاعترفنا بذنوبنا ، فهل إلى خروج من سبيل ) . .

وهي كلمة الذليل اليائس البائس . . ( ربنا ) . . وقد كانوا يكفرون وينكرون . أحييتنا أول مرة فنفخت الروح في الموات فإذا هو حياة ، وإذا نحن أحياء . ثم أحييتنا الأخرى بعد موتنا ، فجئنا إليك . وإنك لقادر على إخراجنا مما نحن فيه . وقد اعترفنا بذنوبنا . ( فهل إلى خروج من سبيل ? ) . بهذا التنكير الموحي باللهفة واليأس المرير .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ} (11)

أمتّنا اثنتين ، وأحييتنا اثنتين : خلقتنا من العدم ، ثم أمتّنا بعد انقضاء آجالنا . وأحييتنا اثنتين : عند ميلادنا ، ويوم البعث يوم القيامة .

ويقول الكافرون يوم القيامة : يا ربنا أمتّنا موتَتين : الأولى حين خلقْتَنا من العدم ، والثانية يوم توفّيتنا عند انقضاء أجلنا . وأحييتنا مرتين : مرة هي حياتنا الدنيا ، والثانية يوم بعثِنا هذا فاعترفنا أننا أنكرنا البعث وكفرنا وأذنبنا . ونحن الآن قادمون ، فهل من سبيل الى الخروج من النار ، ولك منا عهدَ الطاعة والامتثال ؟ فيجيبهم الله : لا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ} (11)

قوله تعالى : { قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } قال ابن عباس رضي الله عنهما ، و قتادة ، والضحاك : كانوا أمواتاً في أصلاب آبائهم ، فأحياهم الله في الدنيا ، ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ، ثم أحياهم للبعث يوم القيامة ، فهما موتتان ، وحياتان وهذا كقوله تعالى :{ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم }( البقرة-28 ) وقال السدي : أميتوا في الدنيا ثم أحيوا في قبورهم للسؤال ، ثم أميتوا في قبورهم ، ثم أحيوا في الآخرة . { فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل } أي : إلى الدنيا فنصلح أعمالنا ، ونعمل بطاعتك . نظيره : { هل إلى مرد من سبيل } ( الشورى-42 ) .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ} (11)

{ قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } وذلك أنهم كانوا أمواتا نطفا فأحيوا ثم

12 16 أميتوا في الدنيا ثم أحيوا للبعث { فاعترفنا بذنوبنا } أي أريتنا من الآيات ما أوجب علينا الاقرار بذنوبنا { فهل إلى خروج } من الدنيا { من سبيل } فقيل لهم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ} (11)

قوله تعالى : " قالوا ربنا أمتنا اثنتين " اختلف أهل التأويل في معنى قولهم : " أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين " فقال ابن مسعود وابن عباس وقتادة والضحاك : كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم ، ثم أحياهم ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها في الدنيا ، ثم أحياهم للبعث والقيامة ، فهاتان حياتان موتتان ، وهو قوله تعالى : " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم " [ البقرة : 28 ] . وقال السدي : أميتوا في الدنيا ثم أحياهم في القبور للمسألة ، ثم أميتوا ثم أحيوا في الآخرة . وإنما صار إلى هذا ؛ لأن لفظ الميت لا ينطلق في العرف على النطفة . واستدل العلماء من هذا في إثبات سؤال القبر ، ولو كان الثواب والعقاب للروح دون الجسد فما معنى الإحياء والإماتة ؟ والروح عند من يقصر أحكام الآخرة على الأرواح لا تموت ولا تتغير ولا تفسد ، وهو حي لنفسه لا يتطرق إليه موت ولا غشية ولا فناء . وقال ابن زيد في قوله : " ربنا أمتنا اثنتين . . . " الآية قال : خلقهم في ظهر آدم وأخرجهم وأحياهم وأخذ عليهم الميثاق ، ثم أماتهم ثم أحياهم في الدنيا ثم أماتهم . وقد مضى هذا في " البقرة " {[13362]} . " فاعترفنا بذنوبنا " اعترفوا حيث لا ينفعهم الاعتراف وندموا حيث لا ينفعهم الندم . " فهل إلى خروج من سبيل " أي هل نرد إلى الدنيا لنعمل بطاعتك ؛ نظيره : " هل إلى مرد من سبيل " [ الشورى : 44 ] وقوله : " فارجعنا نعمل صالحا " [ السجدة : 12 ] وقوله : " يا ليتنا نرد " [ الأنعام : 27 ] الآية .


[13362]:راجع ج 1 ص 249 طبعة ثانية أو ثالثة.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ} (11)

ولما كان من أعظم ذنوبهم إنكار البعث ، وكانوا قد استقرأوا العوائد ، وسبروا ما جرت به الأقدار في الدهور والمدائد ، من أن كل ثان لا بد له من ثالث ، وكان الإحياء لا يطلق عرفاً إلا من كان عن موت ، حكى سبحانه جوابهم بقوله الذي محطه الإقرار بالبعث والترفق بالاعتراف بالذنب حيث لا ينفع لفوات شرطه وهو الغيب : { قالوا ربنا } أي أيها المحسن إلينا بما تقدم في دار الدنيا { أمتَّنا اثنتين } قيل : واحدة عند انقضاء الآجال في الحياة الدنيا وأخرى بالصعق بعد البعث أو الإرقاد بعد سؤال القبر ، والصحيح أن تفسيرها آية البقرة

{ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم }[ آية : 28 ] وأما الصعق فليس بموت ، وما في القبر فليس بحياة حتى يكون عنه موت ، وإنما هو إقدار على الكلام كما أقدر سبحانه الحصى على التسبيح والحجر على التسليم ، والضب على الشهادتين ، والفرس حين قال لها فارسها ثبي إطلال على قولها وثباً وسورة البقرة { وأحييتنا اثنين } واحدة في البطن ، وأخرى بالبعث بعد الموت ، أو واحدة بالبعث وأخرى بالإقامة من الصعق ، أو الإقامة في القبر ، فشاهدنا قدرتك على البعث { فاعترفنا } أي فتسبب عن ذلك أنّا اعترفنا بعد تكرر الإحياء { بذنوبنا } الحاصلة بسبب إنكار البعث لأن من لم يخش العاقبة بالغ في متابعة الهوى ، فذلك توبة لنا { فهل إلى خروج } أي من النار ولو على أدنى أنواع الخروج بالرجوع إلى الدنيا فنعمل صالحاً { من سبيل } فنسلكه فنخرج ثم تكون لنا موتة ثالثة وإحياءة ثالثة إلى الجنة التي جعلتها جزاء من أقر بالبعث .