في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ} (26)

وكان من تزيين القرناء لهم دفعهم إلى محاربة هذا القرآن ، حين أحسوا بما فيه من سلطان :

( وقال الذين كفروا : لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) . .

كلمة كان يوصي بها الكبراء من قريش أنفسهم ويغرون بها الجماهير ؛ وقد عجزوا عن مغالبة أثر القرآن في أنفسهم وفي نفوس الجماهير .

( لا تسمعوا لهذا القرآن ) . فهو كما كانوا يدعون يسحرهم ، ويغلب عقولهم ، ويفسد حياتهم . ويفرق بين الوالد وولده ، والزوج وزوجه . ولقد كان القرآن يفرق نعم ولكن بفرقان الله بين الإيمان والكفر ، والهدى والضلال . كان يستخلص القلوب له ، فلا تحفل بوشيجة غير وشيجته . فكان هو الفرقان .

( والغوا فيه لعلكم تغلبون ) .

وهي مهاترة لا تليق . ولكنه العجز عن المواجهة بالحجة والمقارعة بالبرهان ، ينتهي إلى المهاترة ، عند من يستكبر على الإيمان .

ولقد كانوا يلغون بقصص اسفنديار ورستم كما فعل مالك بن النضر ليصرف الناس عن القرآن . ويلغون بالصياح والهرج . ويلغون بالسجع والرجز . ولكن هذا كله ذهب أدراج الرياح وغلب القرآن ، لأنه يحمل سر الغلب ، إنه الحق . والحق غالب مهما جهد المبطلون !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ} (26)

والْغَوا فيه : عارِضوه باللغو الباطل حين يُقرأ لتشوشوا عليه .

ثم بين الله كيف كان مشركو قريش يكذّبون بالقرآن وكيف يستقبلونه باللغو والتشويش .

{ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ }

كانوا يوصون بعضهم بأن لا يصغوا إلى القرآن ، وأن يشوّشوا بأصواتهم رجاءَ أن يكونوا هم الغالبين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ} (26)

ولما أخبر بخسرانهم ، دل عليه بما عطف على ما أرشد إليه السياق من تقديره من قولي : فأعرضوا - أي هؤلاء العرب - وقالوا - هكذا كان ألأصل ولكنه قال تنبيها على الوصف الذي أوجب إعراضهم : { وقال الذين كفروا } أي ستروا ما دلتهم عليه عقولهم من الحق { لا تسمعوا } أي شيئاً من مطلق السماع { لهذا القرآن } تعييناً بالإشارة احترازاً من غيره من الكتب القديمة كالتوراة ، قال القشيري : لأنه يغلب القلوب ويسلب العقول ، وكل من استمع له صبا إليه { وألغوا } أي اهذوا من لغي - بالكسر يلغى - بالفتح - إذا تكلم بما لا فائدة فيه { فيه } أي اجعلوه ظرفاً للغو بأن تكثروا من الخرافات والهذيانات واللغو بالمكاء والتصدية أي الصفير والتصفيق وغيرهما في حال تلاوته ليقع تاليه في السهو والغلط ، قال القشيري : قالوا ذلك ولم يعلموا أن من نور قلبه بالإيمان وأيد بالفهم وأمد بالبصيرة وكوشف بسماع السر من الغيب ، فهو الذي يسمع ويؤمن ، والذي هو في ظلمات جهله لا يدخل الإيمان قلبه ، ولا يباشر السماع سره .

( لعلكم تغلبون * } أي ليكون حالكم حال من يرجى له أن يغلب ويظفر بمراده في أن يميل إليه أحد ، أو يسكت أو ينسى ما كان يقول ، وهذا يدل على أنهم عارفون بأن من سمعه ولا هوى عنده مال إليه وأقبل بكليته عليه ، وقد فضحوا أنفسهم بهذا فضيحة لا مثل لها ، وذلك لأنهم تحدوا به في أن يأتوا بشيء من مثله ليعدوا غالبين فلم يجدوا شيئاً يترجون به الغلب إلا الصفير والتصفيق ونحوه من اللغو في معارضة ما علا من أعلى ذرى الكلام إلى حيث لا مطمع ولا مرام ، فلا يفيد ما أتوا به معنى غير أنهم عاجزون عن المعارضة قاطعون بأنهم متى أتوا بشيء منها افتضحوا ، وقطع كل من سمعه بأنهم مغلوبون .