فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ} (26)

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ } أي قال بعضهم لبعض لا تسمعوه ولا تنصتوا له وقيل المعنى لا تطيعوا يقال سمعت لك أي أطعتك { وَالْغَوْا فِيهِ } أي عارضوه باللغو والباطل أو ارفعوا أصواتكم لتشويش القارئ له وقال مجاهد الغوا فيه بالمكاء والتصدية والتصفيق والتخليط في الكلام حتى يصير لغوا وقال الضحاك أكثروا الكلام ليختلط عليه ما يقول وقال أبو العالية قعوا فيه وعيبوه قرأ الجمهور ألغوا بفتح الغين من لغا إذا تكلم باللغو وهو ما لا فائدة فيه أو من لغى بالفتح يلغي بالفتح أيضا كما حكاه الأخفش وكان قياسه الضم كغزا يغزو ولكنه فتح لأجل حرف الحلق أو من لغا بكذا إذا رمى به فتكون في بمعنى الباء أي ارموا به وقرئ بضم الغين من لغا بالفتح يلغوا كدعا يدعوا وفي الحديث " فقد لغوت " وهذا موافق لقراءة غير الجمهور .

وقد تقدم الكلام في اللغو في سورة البقرة { لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } أي لكي تغلبوا فيسكتوا ، عن ابن عباس قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته فكان المشركون يطردون الناس عنه ويقولون { لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } وكان إذا أخفى قراءته لم يسمع من يحب أن يسمع القرآن فأنزل الله { وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا } ) أخرجه ابن أبي حاتم .