لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ} (26)

قوله جل ذكره : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } .

استولى على قلوبهم الجَحْدُ والإنكارُ ، ودام على العداوة فيهم الإصرارُ ؛ فاحتالوا بكل وجهٍ ، وتواصَوْا فيما بينهم بألا يستمعوا لهذا القرآن لأنه يغلب القلوب ، ويسلب العقول ، وكل مَنْ استمع إليه صَبَا إليه .

وقالوا : إذا أَخّذَ محمدٌ في القرآن فأَكْثِرُوا عند قراءته اللَّغوَ واللغطَ حتى يقع في السهو الغَلَط .

ولم يعلموا أن الذي نُوِّرَ قلبُه بالإيمان ، وأُيِّدَ بالفهم ، وأُمِّدَ بالنصرة ، وكوشف بسماع السِّرِّ من الغيب هو الذي يسمع ويؤمن . والذي هو في ظلمات جهله لا يدخل الإيمانُ قلبَه ، ولا يباشر السماعُ سِرَّه .