السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ فِيهِ لَعَلَّكُمۡ تَغۡلِبُونَ} (26)

وقوله تعالى : { وقال الذين كفروا } أصله وقالوا أي : المعرضون ، ولكنه قال ذلك تنبيهاً على الوصف الذي أوجب إعراضهم { لا تسمعوا } أي : شيئاً من مطلق السماع { لهذا القرآن } وعينوه بالإشارة احترازاً عن غيره من الكتب القديمة كالتوراة ، قال القشيري : لأنه مقلب القلوب وكل من استمع له صبا إليه { والغوا } أي : اهزؤوا { فيه } أي : اجعلوه ظرفاً للغو بأن تكثروا من الخرافات والهذيانات واللغط واللغو والتصدية أي : التصفير والتصفيق وغيرها ، وقال ابن عباس : كان بعضهم يعني قريشاً يعلم بعضاً إذا رأيتم محمداً يقرأ فعارضوه بالرجز والشعر ، واللغو : هو من باب لغي بالكسر يلغى بالفتح إذا تكلم بما لا فائدة فيه { لعلكم تغلبون } أي : ليكون حالكم حال من يرجى له أن يغلب ويظفر بمراده في أن لا يميل إليه أحد وسكت ونسي ما كان يقول ، وهذا يدل على أنهم عارفون بأن من يسمعه مال إليه وأقبل بكليته عليه وقد فضحوا أنفسهم بهذا فضيحة لا مثل لها .