وإلى الله قياد السماوات والأرض . فهو يصرفها وفق ما يريد ؛ وهي تسير وفق نظامه الذي قدره ؛ وما تتدخل إرادة غير إرادته في تصريفها ، على ما تشهد الفطرة ، وينطق الواقع ، ويقر العقل والضمير .
( والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون ) . .
خسروا الإدراك الذي يجعل حياتهم في الأرض متسقة مع حياة الكون كله ؛ وخسروا راحة الهدى وجمال الإيمان وطمأنينة الاعتقاد وحلاوة اليقين . وخسروا في الآخرة أنفسهم وأهليهم . فهم الخاسرون الذين ينطبق عليهم لفظ( الخاسرون ) !
{ له مقاليد السموات والأرض } : أي مفاتيح خزائن السموات والأرض .
{ أولئك هم الخاسرون } : أي الخاسرون لأنفسهم وأهليهم يوم القيامة .
وقوله تعالى : { له مقاليد السموات والأرض } أي له ملكا حقاً مفاتيح خزائن الرحمات والخيرات والبركات فهو يفتح ما يشاء ويمسك ما يشاء فلا يصح الطلب إلا منه ولا تجوز الرغبة إلا فيه وما عبد الناس الأوثان والأصنام إلا رغبة ورهبة فلو علموا أن رهبتهم لا تكون إلا من الذي يقدر على كل شيء وأن رغبتهم لا تكون إلا في الذي بيده كل شيء لو علموا هذا ما عبدوا غير الله تعالى بحال .
وقوله تعالى { والذين كفروا بآيات الله } الحاوية لإِيمانه وصفاته وبيان محابه ومكارهه وحدوده وشرائعه ولذا من كفر بآيات الله فلم يؤمن بها ولم يعمل بما فيها خسر خسراناً مبيناً بحيث يخسر يوم القيامة نفسه وأهله ، وذلك هو الخسران المبين .
ولما كان الخافقان خزائن الكائنات ، وكان لا يتصرف في الخزائن إلا ذو المفاتيح ، قال دالاً على وكالته : { له } أي وحده { مقاليد } واحدها مقلاد مثل مفتاح ، ومقليد مثل قنديل ، وهي المفاتيح والأمور الجامعة القوية وهي استعارة لشدة التمكن من { السماوات } أي جميع أعدادها { والأرض } أي جنسها خزائنهما وأمورهما ومفاتيحهما الجامعة لكل ما فيهما ، فلا يمكن أن يكون فيهما شيء ولا أن يتصرف في شيء منهما ولا فيهما أحد إلا بإذنه فلا بدع في تنجيته الذين اتقوا .
ولما كان التقدير : فالذين آمنوا بالله وتقبلوا آياته أولئك هم الفائزون ، عطف عليه قوله الذي اقتضاه سياق التهديد : { والذين كفروا } أي لبسوا ما اتضح لهم من الدلالات ، وجحدوا أن تكون الأمور كلها بيده { بآيات الله } أي الذي لا ظاهر غيرها ، فإنه ليس في الوجود إلا ذاته سبحانه وهي غيب لا يمكن المخلوق دركها ، وأفعاله وهي أظهر الأشياء ، وصفاته وهي غيب من جهة شهادة من جهة أخرى { أولئك } البعداء البغضاء { هم } خاصة { الخاسرون * } فإنهم خسروا نفوسهم وكل شيء يتصل بها على وجه النفع لأن كفرهم أقبح الكفر من حيث أنه متعلق بأظهر الأشياء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.