قوله : { لَّهُ مَقَالِيدُ السماوات والأرض } «له مقاليد » جملة مستأنفة{[47650]} ، والمقاليد جمع مِقْلاَد أو مقْليد ، ولا واحد له من لفظه كأساطير وإخوته ، ويقال أيضاً إقليد وأقاليد وهي المفاتيح ، والكلمة فارسية معربة{[47651]} . وفي هذا الكلام استعارة بديعة نحو قولك : بيد فلان مفتاح هذا الأمر{[47652]} ، وليس ثم مفتاح ، وإنما هو عبارة عن شدة تمكنه من ذلك الشيء .
قال الزمخشري : قيل سأل عثمانُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن تفسير قوله : «له مقاليد السموات والأرض » فقال : يا عثمان ما سألني عنها أحد قبلك تفسيرها لا إله إلا الله ، والله أكبر وسبحان الله وبحمده ( و ){[47653]} أستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير{[47654]} .
وقال قتادة ومقاتل : مفاتيح السموات والأرض بالرزق والرحمة ، وقال الكلبي خزائن المطر والنبات{[47655]} .
قوله : { والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ الله أولئك هُمُ الخاسرون } وهذا يقتضي أنه لا خاسر إلا الكافر وأن من لم يكن كافراً فإنه لا بد وأن يحصل له حظ من رحمة الله . قال الزمخشري : فإن قلت : بِمَ اتصل قوله «والذين كفروا بآيات الله » بقوله «له مقاليد السموات والأرض » ؟ قلت : إنه اتصل بقوله :
{ وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا } [ الزمر : 16 ] أي ينجي الله المتقين بمفازتهم ، والذين كفروا هم الخَاسِرون واعترض ما بينهما أنه خالق الأشياء كلها{[47656]} وأنه له مقاليد السموات والأرض .
قال ابن الخطيب : وهذا عندي ضعيف من وجهين :
الأول : أن وقوع الفصل الكثير بين المعطوف والمعطوف عليه بعيد .
الثاني : أن قوله : { وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا } [ الزمر : 61 ] ( جملة فعلية ) ، {[47657]} وقوله : { والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ الله أولئك هُمُ الخاسرون } جملة اسمية وعطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية لا يجوز{[47658]} .
قال شهاب الدين : وهذا الاعتراض معترض إذ لا مانع من ذلك{[47659]} .
ثم قال ابن الخطيب : بل الأقرب عندي أن يقال : إنه لما وصف الله تعالى بصفات الإلهية{[47660]} والجلالة وهو كونه خالقا للأشياء كلها وكونه مالكاً لمقاليد السموات والأرض بأسرها قال بعده : «والذين كفروا بآيات الله » الظاهرة الباهرة هم الخاسرون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.