فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (63)

{ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } جملة مستأنفة والمقاليد واحدها مقليد ومقلاد ، أو لا واحد له من لفظه كأساطير ، ويقال أيضا أقليد وأقاليد أو الكلمة أصلها فارسية على ما قيل إنه جمع إقليد معرب إكليد والكلام من باب الكناية لأن حافظ الخزائن ومدبرها هو الذي يملك مفاتيحها ، فهو كناية عن شدة التمكن والتصرف في كل شيء مخزون في السماوات أو في الأرض ، والحمل على الظاهر أولى ، وهي هنا مفاتيح الرزق والرحمة . قاله مقاتل وقتادة وغيرهما ، قال ابن عباس أي مفاتيحها ، وقال الليث المقلاد الخزانة .

ومعنى الآية له خزائن السماوات والأرض ، وبه قال الضحاك والسدي ، وقيل : خزائن السماوات المطر ، وخزائن الأرض النبات وقيل : هي عبارة عن قدرته سبحانه وحفظه لها ، والأول أولى : قال الجوهري : الإقليد المفتاح ثم قال : والجمع المقاليد ، وقيل هي لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله وبحمده ، وأستغفر الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وأخرج أبو يعلى ويوسف القاضي في سننه وأبو الحسن القطان وابن السني وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عثمان ابن عفان قال :

سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله { له مقاليد السماوات والأرض } فقال لي : يا عثمان لقد سألتني عن مسألة لم يسألني عنها أحد قبلك ، مقاليد السماوات والأرض لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله ، وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ) ، ثم ذكر فضل هذه الكلمات وله طرق عن عثمان . وقيل غير ذلك ، والمعنى على هذا أن لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد ، وهي مفاتيح خير السماوات والأرض ، من تكلم بها أصابه .

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ } أي بالقرآن وسائر الآيات الدالة على الله سبحانه وتوحيده { أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } ؛ أي الكاملون في الخسران لأنهم صاروا بهذا الكفر إلى النار متصل بقوله : { وينجي الله } الخ أي معطوف عليه وما بينهما اعتراض ، وإن كان المعطوف جملة اسمية ، والمعطوف عليه جملة فعليه فهذا لا يمنع صحة العطف ، غايته أنه خال عن حسنه .