مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{لَّهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (63)

{ لَّهُ مَقَالِيدُ السماوات والأرض } أي هو مالك أمرها وحافظها ، وهو من باب الكناية لأن حافظ الخزائن ومدبر أمرها هو الذي يملك مقاليدها ، ومنه قولهم : فلان ألقيت إليه مقاليد الملك وهي المفاتيح واحدها مقليد ، وقيل : لا واحد لها من لفظها ، والكلمة أصلها فارسية { والذين كَفَرُواْ بئايات الله أُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون } هو متصل بقوله { وَيُنَجّى الله الذين اتقوا } أي ينجي الله المتقين بمفازاتهم والذين كفروا هم الخاسرون . واعترض بينهما بأنه خالق كل شيء ، فهو مهيمن عليه ، فلا يخفى عليه شيء من أعمال المكلفين فيها وما يجزون عليها ، أو بما يليه على أن كل شيء في السماوات والأرض فالله خالقه وفاتح بابه ، والذين كفروا وجحدوا أن يكون الأمر كذلك أولئك هم الخاسرون ، وقيل : سأل عثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله : { لَّهُ مَقَالِيدُ السماوات والأرض } فقال « يا عثمان ما سألني عنها أحد قبلك ، تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله هو الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير » وتأويله على هذا أن لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد وهي مفاتيح خير السماوات والأرض من تكلم بها من المتقين أصابه ، والذين كفروا بآيات الله وكلمات توحيده وتمجيده أولئك هم الخاسرون .