في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{جَزَآؤُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ رَبَّهُۥ} (8)

( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ) . .

جنات للإقامة الدائمة في نعيمها الذي يمثله هنا الأمن من الفناء والفوات . والطمأنينة من القلق الذي يعكر وينغص كل طيبات الأرض . . كما يمثله جريان الأنهار من تحتها ، وهو يلقي ظلال النداوة والحياة والجمال !

ثم يرتقي السياق درجة أو درجات في تصوير هذا النعيم المقيم :

( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) . .

هذا الرضا من الله وهو أعلى وأندى من كل نعيم . وهذا الراضا في نفوسهم عن ربهم الرضا عن قدره فيهم . والرضا عن إنعامه عليهم والرضا بهذه الصلة بينه وبينهم . الرضا الذي يغمر النفس بالهدوء والطمأنينة والفرح الخالص العميق . .

إنه تعبير يلقي ظلاله بذاته . . ( رضي الله عنهم ورضوا عنه )حيث يعجز أي تعبير آخر عن إلقاء مثل هذه الظلال !

( ذلك لمن خشي ربه ) . .

وذلك هو التوكيد الأخير . التوكيد على أن هذا كله متوقف على صلة القلب بالله ، ونوع هذه الصلة ، والشعور بخشيته خشية تدفع إلى كل صلاح ، وتنهى عن كل انحراف . . الشعور الذي يزيح الحواجز ، ويرفع الأستار ، ويقف القلب عاريا أمام الواحد القهار . والذي يخلص العبادة ويخلص العمل من شوائب الرياء والشرك في كل صورة من صوره . فالذي يخشى ربه حقا لا يملك أن يخطر في قلبه ظلا لغيره من خلقه . وهو يعلم أن الله يرد كل عمل ينظر فيه العبد إلى غيره معه ، فهو أغنى الشركاء عن الشرك . فإما عمل خالص له ، وإلا لم يقبله .

ختام السورة:

تلك الحقائق الأربعة الكبيرة هي مقررات هذه السورة الصغيرة ، يعرضها القرآن بأسلوبه الخاص ، الذي يتجلى بصفة خاصة في هذه السور القصار . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{جَزَآؤُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ رَبَّهُۥ} (8)

وثوابُهم في الآخرة جنّاتُ إقامة دائمة تجري من تحتها الأنهارُ ماكثين فيها أبدا . فلقد قبلَ اللهُ أعمالَهم فرضيَ عنهم ، كما شكَروا إحسانَه إليهم . هذا هو الجزاءُ الطيّبُ لمن خاف عقاب ربه .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{جَزَآؤُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ رَبَّهُۥ} (8)

شرح الكلمات :

{ جنات عدن } : أي بساتين إقامة دائمة .

{ رضي الله عنهم } : أي بطاعته .

{ ورضوا عنه } : أي بثوابه .

المعنى :

وقوله { جزاؤهم عند ربهم } أي جزاء أولئك الذين آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الهدى والدين الحق أولئك هم خير الخليقة . وقوله { جزاؤهم عند ربهم } أي يوم يلقونه وذلك بعد الموت { جنات عدن } أي بساتين إقامة دائمة خالدين فيها أبدا ، أي لا يخرجون منها ولا يموتون أبدا . وقوله { رضي الله عنهم ورضوا عنه } أي رضي الله عنهم بسبب إيمانهم وطاعتهم ، ورضوا عنه بسبب ما وهبهم وأعطاهم من النعيم المقيم في دار السلام . وقوله تعالى { ذلك لمن خشي ربه } أي ذلك الجزاء المذكور وهو جزاء عظيم إذ جُمع لأهله فيه بين سعادة الروح وسعادة البدن معا ، هو جزاء عبد خاف ربه فلم يعصه حتى لقيه بعد موته ، وإن عصاه يوما تاب ، وإن أخطأ رجع ، حتى مات وهو على الطاعة لا على المعصية .

الهداية :

- بيان جزاء من آمن بالإِسلام ، ودخل فيه ، وطبق قواعده ، واستقام على الأمر والنهي فيه ، وهو نعم الجزاء رضى الله والخلود في دار السلام .

- فضل الخشية إن حملت صاحبها على طاعة الله ورسوله فأطاعهما بأداء الفرائض وترك المحرمات في الاعتقاد والقول والعمل .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{جَزَآؤُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ رَبَّهُۥ} (8)

قوله تعالى : { جزاؤهم } أي ثوابهم . { عند ربهم } أي خالقهم ومالكهم . { جنات } أي بساتين . { عدن } أي إقامة . والمفسرون يقولون : { جنات عدن } بطنان الجنة ، أي وسطها . تقول : عدن بالمكان يعدن [ عدنا وعدونا ] : أقام . ومعدن الشيء : مركزه ومستقره . قال الأعشى :

وإن يُسْتَضَافُوا إلى حُكْمِهِ *** يُضَافُوا إلى راجِحٍ قد عَدَنْ

{ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا } لا يظعنون ولا يموتون . { رضي الله عنهم } أي رضي أعمالهم ، كذا قال ابن عباس . { ورضوا عنه } أي رضوا هم بثواب اللّه عز وجل . { ذلك } أي الجنة . { لمن خشي ربه } أي خاف ربه ، فتناهى عن المعاصي .