قوله : { جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ } . أي : ثوابهم عند خالقهم ومالكهم { جَنَّاتُ عَدْنٍ } .
قال ابن الخطيب{[60628]} : قال بعض الفقهاء : من قال : لا شيء لي على فلان انتفى الدين ، وله أن يدعي الوديعة ، وإن قال : لا شيء لي عنده انصرف إلى الوديعة دون الدين ، وإن قال : لا شيء لي قبلهُ انصرف إليهماً معاً ، فقوله تعالى : { عِندَ رَبِّهِمْ } يفيد أنها أعيان مودعة عنده ، والعين أشرف من الدين ، والضمان إنما يرغب فيه خوف الهلاك ، وهو محال في حقه تعالى . وتقدم الكلام على نظيره .
قوله : { تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنهار } ، الجنات : البساتين ، والعدن : الإقامة ، يقال : عدن بالمكان يعدن عدناً وعدوناً ، أي : أقام . ومعدن الشيء : مركزه ومستقره ، وقيل : «عدن » : بطنان الجنة ووسطها .
قوله : { خَالِدِينَ فِيهَآ } ، حال عامله محذوف ، تقديره : ادخلوها خالدين ، أو أعطوها ، ولا يجوز أن يكون حالاً من الضمير المجرور في «جزَاؤهُم » لئلا يلزم الفصلُ بين المصدر ومعموله بأجنبي ، على أنَّ بعضهم : أجازه من «هم » ، واعتذر هنا بأن المصدر غير مقدر بحرف مصدري .
قال أبو البقاء{[60629]} : وهو بعيد ، وأما «عِند ربِّهِمْ » فيجوز أن يكون حالاً من «جَزاؤهُمْ » ، وأن يكون ظرفاً له ، و«أبَداً » ظرف مكان منصُوب ب «خالدِيْنَ » . أي لا يظعنون ولا يموتون .
قوله : { رِّضِىَ الله عَنْهُمْ } ، يجوز أن يكون دعاء مستأنفاً ، وأن يكون خبراً ثانياً ، وأن يكون حالاً ثانياً بإضمار «قَد » عند من يلزم ذلك .
قال ابن عباس : «رضي اللهُ عنهُمْ ورَضُوا عنه » أي : رضوا بثواب الله تعالى{[60630]} .
قوله : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } أي : ذلك المذكور من استقرار الجنة مع الخلود .
أي : خاف ربه ، فتناهى عن المعاصي .
روى أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبيِّ بن كعب : " إن الله تَعالَى أمَرنِي أنْ أقْرَأ عليْكَ : { لَمْ يَكُنِ الذين كَفَرُواْ } " ، قال : وسمَّاني لك ؟ قال - عليه الصَّلاة والسلام - : «نَعم » ، فبكى . خرجه البخاري ومسلم{[1]} .
قال القرطبيُّ{[2]} : «من الفقه قراءة العالم على المتعلم » .
قال بعضهم : إنما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أبيٍّ ، ليعلم الناس التواضع ؛ لئلا يأنف أحد من التعليم والقراءة على من دونه من المنزلة .
وقيل : إن أبياً كان أسرع أخذاً لألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلم غيره ، فأراد بقراءته عليه أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع منه صلى الله عليه وسلم ، وفيه فضيلة عظيمة لأبيّ رضي الله عنه وعن بقية الصحابة أجمعين ؛ إذ أمر صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليه . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.