{ جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه } قيل : الرّضا ينقسم إلى قسمين : رضا به ورضا عنه ، فالرضا به أن يكون ربا ومدبراً ، والرّضا عنه فيما يقضي ويدبر . قال السري : إذا كنت لا ترضى عن الله فكيف تسأله الرضا عنك ؟ وقيل : رضي الله أعمالهم ، ورضوا عنه بما أعطاهم من الخير والكرامة { ذلك } أي هذا الجزاء والرضا { لمن خشي ربه } أي لمن خاف ربه في الدّنيا ، وانتهى عن المعاصي . ( ق ) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب } قال : وسماني ؟ قال : نعم . فبكى " . وفي رواية البخاري " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب : إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن ، قال الله سماني لك ؟ قال : نعم . قال : وقد ذكرت عند رب العالمين ؟ قال : نعم . قيل : فذرفت عيناه " .
أما بكاء أبي فإنه بكى سروراً ، واستصغاراً لنفسه عن تأهله لهذه النّعمة العظيمة ، وإعطائه تلك المنزلة الكريمة ، والنعمة عليه فيها من وجهين أحدهما : كونه منصوصاً عليه بعينه ، والثاني قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنها منقبة عظيمة لم يشاركه فيها أحد من الصّحابة ، وقيل : إنما بكى خوفاً من تقصيره في شكره هذه النعمة .
وأما تخصيص هذه السّورة بالقراءة ، فإنها مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة ، وكان الحال يقتضي الاختصار ، وأما الحكمة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة على أبي فهي أن يتعلم أبي القراءة من ألفاظه صلى الله عليه وسلم ، وضبط أسلوب الوزن المشروع وقدره بخلاف ما سواه من النّعم المستعملة في غيره ، فكانت قراءته على أبي ليتعلم أبي منه ، لا ليتعلم هو من أبي . وقيل : إنما قرأ على أبي ليتعلم غيره التواضع والأدب ، وأن لا يستنكف الشريف وصاحب الرتبة العالية أن يتعلم القرآن ممن هو دونه ، وفيه تنبيه على فضيلة أبي ، والحث عن الأخذ عنه ، وتقديمه في ذلك ، فكان كذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم رأساً وإماما في القراءة وغيرها ، وكان أحد علماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.