في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

ثم يمضي في الإيقاع المرعب المزلزل ، يتحداهما أن ينفذا من أقطار السماوات والأرض :

يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوت والأرض فانفذوا . .

وكيف ? وأين ?

( لا تنفذون إلا بسلطان ) .

ولا يملك السلطان إلا صاحب السلطان . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

أن تنفذوا : تخرجوا .

أقطار السموات والأرض : جوانبهما .

بسلطان : بقوة وقهر .

ثم بين الله أنه لا مهربَ في ذلك اليوم من الحساب والجزاء ، كل واحد يحاسَب على عمله فقال :

{ يا معشر الجن والإنس إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السماوات والأرض فانفذوا }

إن استطعتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض هارِبين فافعلوا . . . والحقيقةُ أنكم لا تستطيعون ذلك ، إلا أن تَفِرّوا إلى اللهِ بالتوبة الخالصة . { لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } وأعظمُ سلطان يتحصّن به الإنسانُ هو التوبة ، فإنها أكبر حصنٍ يقي التائب المخلص من عذاب الله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

{ 33 } { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }

أي : إذا جمعهم الله في موقف القيامة ، أخبرهم بعجزهم وضعفهم ، وكمال سلطانه ، ونفوذ مشيئته وقدرته ، فقال معجزا لهم : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي : تجدون منفذا مسلكا تخرجون به عن ملك الله وسلطانه ، { فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } أي : لا تخرجون عنه إلا بقوة وتسلط منكم ، وكمال قدرة ، وأنى لهم ذلك ، وهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ؟ ! ففي ذلك الموقف لا يتكلم أحد إلا بإذنه ، ولا تسمع إلا همسا ، وفي ذلك الموقف يستوي الملوك والمماليك ، والرؤساء والمرءوسون ، والأغنياء والفقراء .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان* يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا } أي : تجوزوا وتخرجوا ، { من أقطار السماوات والأرض } أي من جوانبهما وأطرافهما ، { فانفذوا } معناه إن استطعتم أن تهربوا من الموت بالخروج من أقطار السماوات والأرض : فاهربوا واخرجوا منها . والمعنى : حيث ما كنتم أدرككم الموت ، كما قال جل ذكره : { أينما تكونوا يدرككم الموت }( النساء-78 ) وقيل : يقال لهم هذا يوم القيامة إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السماوات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا . { لا تنفذون إلا بسلطان } أي : بملك . وقيل : بحجة ، والسلطان القوة التي يتسلط بها على الأمر ، فالملك والقدرة والحجة كلها سلطان ، يريد حيثما توجهتم كنتم في ملكي وسلطاني . وروي عن ابن عباس قال : معناه : إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا ولن تعلموه إلا بسلطان أي : بينة من الله عز وجل . وقيل قوله : { إلا بسلطان } أي : إلى سلطان كقوله : { قد أحسن بي } ( يوسف-100 ) أي : إلي . { فبأي آلاء ربكما تكذبان } وفي الخبر : يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثم ينادون : { يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا } الآية . فذلك قوله عز وجل : { يرسل عليكما شواظ من نار } .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

قوله تعالى : " معشر الجن والإنس " ذكر ابن المبارك : وأخبرنا جويبر عن الضحاك قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها ، فتكون الملائكة على حافاتها حتى يأمرهم الرب ، فينزلون إلى الأرض فيحيطون بالأرض ومن فيها ، ثم يأمر الله السماء التي تليها كذلك فينزلون فيكونون صفا من خلف{[14555]} ذلك الصف ، ثم السماء الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة ، فينزل الملك الأعلى في بهائه وملكه ومجنّبته اليسرى جهنم ، فيسمعون زفيرها وشهيقها ، فلا يأتون قطرا من أقطارها إلا وجدوا صفوفا من الملائكة ، فذلك قوله تعالى : " يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان " والسلطان العذر . وقال الضحاك أيضا : بينما الناس في أسواقهم انفتحت السماء ، ونزلت الملائكة ، فتهرب الجن والإنس ، فتحدق بهم الملائكة ، فذلك قوله تعالى : " لا تنقذون إلا بسلطان " ذكره النحاس .

قلت . فعلى هذا يكون في الدنيا ، وعلى ما ذكر ابن المبارك يكون في الآخرة . وعن الضحاك أيضا : إن استطعتم أن تهربوا من الموت فاهربوا . وقال ابن عباس : إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات وما في الأرض فأعلموه ، ولن تعلموه إلا بسلطان أي ببينة من الله تعالى . وعنه أيضا أن معنى : " لا تنفذون إلا بسلطان " لا تخرجون من سلطاني وقدرتي عليكم . قتادة : لا تنفذون إلا بملك وليس لكم ملك . وقيل : لا تنفذون إلا إلى سلطان{[14556]} ، الباء بمعنى إلى ، كقوله تعالى : " وقد أحسن بي{[14557]} " [ يوسف : 100 ] أي إلى . قال الشاعر{[14558]} :

أسيئي بنا أو أحسني لا مَلُولَةٌ *** لدينا ولا مَقْلِيَّةٌ إن تَقَلَّتِ

وقوله : " فانفذوا " أمر تعجيز .


[14555]:في ب، ز، ح، س، د: "في جوف ذلك الصف".
[14556]:في ب: "إلى سلطاني".
[14557]:راجع جـ 9 ص 267.
[14558]:هو كثير عزة.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

{ إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا } هذا كلام يقال للجن والإنس يوم القيامة أي : إن قدرتم على الهروب والخروج من أقطار السماوات والأرض فافعلوا ، وروي : أنهم يفرون يومئذ لما يرون من أهوال القيامة فيجدون سبعة صفوف من الملائكة ، قد أحاطت بالأرض فيرجعون وقيل : بل خوطبوا بذلك في الدنيا والمعنى : إن استطعتم الخروج عن قهر الله وقضائه عليكم فافعلوا وقوله : { فانفذوا } أمر يراد به التعجيز .

{ لا تنفذون إلا بسلطان } أي : لا تقدرون على النفوذ إلا بالقوة وليس لكم قوة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

ولما كان التهديد بالفراغ ربما أوهم أنهم الآن معجوز عنهم أو عن بعض أمرهم ، بين بخطاب القبض المظهر لمحض الواحدانية أنهم في القبضة ، لا فعل لأحد منهم بدليل أنهم لا يصلون إلى جميع مرادهم مما هو في مقدورهم ، ولكنه ستر ذلك بالأسباب التي يوجد التقيد بها إسناد الأمور إلى مباشرتها فقال بياناً للمراد بالثقلين : { يا معشر } أي يا جماعة فيهم الأهلية والعشرة والتصادق { الجن } قدمهم لمزيد قوتهم ونفوذهم في المسام وقدرتهم على الخفاء والتشكل في الصور بما ظن أنهم لا يعجزهم شيء { والإنس } أي الخواص والمستأنسين والمؤانسين المبني أمرهم على الإقامة والاجتماع .

ولما بان بهذه التسمية المراد بالتثنية ، جمع دلالة على كثرتهم فقال : { إن استطعتم } أي{[61925]} إن وجدت لكم طاعة الكون في { أن تنفذوا } أي تسلكوا بأجسامكم وتمضوا من غير مانع يمنعكم { من أقطار } أي نواحي { السماوات والأرض } التي يتخللها القطر لسهولة انفتاحها لشي تريدونه من هرب من الله من إيقاع الجزاء بينكم ، أو عصيان عليه في قبول أحكامه{[61926]} وجري مراداته وأقضيته عليكم من الموت وغيره أو غير ذلك { فانفذوا } وهذا يدل على أن كل واحدة منها محيطة بالأخرى لأن النفوذ لا يكون حقيقة إلا مع الخرق .

ولما كان نفوذهم {[61927]}في حد{[61928]} ذاته ممكناً ولكنه منعهم من ذلك بأنه لم يخلق في أحد منهم قوته ولا سيما وقد منعهم منه يوم القيامة بأمور منها إحداق أهل السماوات السبع بهم{[61929]} صفاً بعد صف وسرادق النار قد أحاط بالكافرين ولا منفذ لأحد إلا على الصراط ولا يجوزه إلا كل ضامر يخف ، أشار إليه بقوله مستأنفاً : { لا تنفذون } أي من{[61930]} شيء من ذلك { إلا بسلطان } إلا بتسليط عظيم منه سبحانه بأمر قاهر وقدرة بالغة وأنى لكم بالقدرة على ذلك ، قال البغوي{[61931]} : وفي الخبر : يحاط {[61932]}على الخلق{[61933]} بالملائكة وبلسان من نار{[61934]} ثم ينادون : يا معشر الجن الآية .

انتهى ، وهذا حكاية ما يكون من ذلك يوم القيامة لا أنه خاص بهم .


[61925]:- زيد من ظ.
[61926]:- من ظ، وفي الأصل: أحكامها.
[61927]:- من ظ، وفي الأصل: إلا بحد.
[61928]:- من ظ، وفي الأصل: إلا بحد.
[61929]:- زيد من ظ.
[61930]:-زيد من ظ.
[61931]:- راجع معالم التنزيل بهامش اللباب 7/ 6.
[61932]:- من ظ، والمعالم، وفي الأصل: بالخلق.
[61933]:- من ظ، والمعالم، وفي الأصل: بالخلق.
[61934]:- زيد في الأصل: جهنم، ولم تكن الزيادة في ظ والمعالم فحذفناها.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

قوله : { يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا } تنفذوا ، تخلصوا أو تخرجوا{[4425]} . والمعنى : إذا قدرتم أيها الجن والإنس أن تفروا من سلطان الله وهيمنته أو تخرجوا من أطراف خلقه من السماوات والأرض هربا من قضاء الله وقدرته { لاتنفذون إلا بسلطان } أي لا تستطيعون أن تخرجوا أو تفروا هربا من ملكوت الله { إلا بسلطان } أي بقدرة أو قوة أو برهان أو بينة من الله تمكنكم من النفوذ في أقطار السماوات والأرض . وإنما ذلك كائن بأمر الله وإرادته وتمكينه إياكم من ضرب من ضروب النفوذ في محيط هذا الكون .

وقيل : يقال لهم هذا يوم القيامة حين تحدق بهم الملائكة فإذا رآهم الجن والإنس هربوا فلا يأتون جهة من الجهات إلا وجدوا الملائكة قد أحاطت به .


[4425]:القاموس المحيط ص 433.