الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

{ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يمَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ } ولم يقل : استطعتما ؛ لأنهما فريقان في حال جمع كقوله سبحانه :

{ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } [ النمل : 45 ] وقوله سبحانه :

{ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ } [ الحج : 19 ] .

{ أَن تَنفُذُواْ } تجوزوا { مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي أطرافها { فَانفُذُواْ } ومعنى الآية إن استطعتم ان تجوزوا اطراف السماوات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا ، وانما يقال لهم هذا يوم القيامة ، وقال الضحاك : يعني هاربين من الموت ، فأخبر أنه لا يجيرهم من الموت ولا محيص لهم منه ، ولو نفذوا من أقطار السماوات والأرض كانوا في سلطان الله عز وجل وملكه ، وقال ابن عباس : يعني : إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا ، ولن تعلموه إلاّ بسلطان يعني البيّنة من الله سبحانه .

{ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } أي حجة .

قال ابن عباس وعطاء : لا تخرجون من سلطان ، وقيل معناه إلاّ إلى سلطاني كقوله

{ وَقَدْ أَحْسَنَ بَي } [ يوسف : 100 ] أي أحسن أليّ ، وقال الشاعر :

أسىء بنا أفأحسني لا ملومة *** لدينا ولا مقليّة إن تقلّت

وفي الخبر " يحاط على الخلق الملائكة وبلسان من نار ثم ينادون : يا معشر الجن والإنس إن استطعتم . . . فذلك قوله تعالى . . . " : { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ }