فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

{ يا معشر الجن والإنس } قدّم الجنّ هنا لكون خلق أبيهم متقدّماً على خلق آدم ، ولوجود جنسهم قبل جنس الإنس { إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أقطار السموات والأرض } أي إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السموات والأرض ونواحيهما هرباً من قضاء الله وقدره { فانفذوا } منها ، وخلصوا أنفسكم ، يقال : نفذ الشيء من الشيء : إذا خلص منه كما يخلص السهم { لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بسلطان } أي لا تقدرون على النفوذ إلاّ بقوّة وقهر ولا قوّة لكم على ذلك ولا قدرة ، والسلطان : القوّة التي يتسلط بها صاحبها على الأمر ، والأمر بالنفوذ : أمر تعجيز . قال الضحاك : بينما الناس في أسواقهم إذ انفتحت السماء ونزلت الملائكة فهرب الجنّ والإنس فتحدق بهم الملائكة ، فذلك قوله : { لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بسلطان } . قال ابن المبارك : إن ذلك يكون في الآخرة . وقال الضحاك أيضاً : معنى الآية : إن استطعتم أن تهربوا من الموت فاهربوا . وقيل : إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموه ولن تعلموه إلاّ بسلطان : أي ببينة من الله .

وقال قتادة : معناها لا تنفذوا إلاّ بملك ، وليس لكم ملك . وقيل : «الباء » بمعنى «إلى » : أي لا تنفذون إلاّ إلى سلطان .

/خ45