الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ إِنِ ٱسۡتَطَعۡتُمۡ أَن تَنفُذُواْ مِنۡ أَقۡطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ فَٱنفُذُواْۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلۡطَٰنٖ} (33)

واختلف الناسُ في معنى قوله تعالى : { إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ } الآية : فقال الطبريُّ : قال قوم : المعنى : يُقَالُ لهم يومَ القيامة : { يا معشر الجن والإنس إِنِ استطعتم } الآية ، قال الضَّحَّاك : وذلك أَنَّهُ يَفِرُّ الناسُ في أقطار الأرض ، والجِنُّ كذلك ؛ لما يَرَوْنَ من هول يوم القيامة ، فيجدون سَبْعَةَ صفوف من الملائكة ، قد أحاطَتْ بالأرض ، فيرجعون من حيثُ جاؤوا ، فحينئذٍ يقال لهم : { يا معشر الجن والإنس } ، وقال بعض المفسِّرين : هي مخاطبةٌ في الدنيا ، والمعنى : إنِ استطعتم الفِرَارَ مِنَ المَوْتِ بأنْ تَنْفُذُوا من أقطار السماوات والأرض ، فانفذوا ، ( ت ) : والصوابُ الأول .

وقوله : { فانفذوا } : صيغة أمر ، ومعناه : التعجيز ، و{ شُّوَاظُ } : لَهَبُ النار ؛ قاله ابن عباس وغيره ، قال أبو حَيَّان : ( الشُّوَاظُ ) هو اللهب الخالصُ بغَيْرِ دُخَانٍ ، انتهى . و( النُّحَاسُ ) : هو المعروف ؛ قاله ابن عباس وغيره ، أي : يُذَابُ ويُرْسَلُ عليهما ، ونحوه في البخاريِّ ، قال ( ص ) : وقال الخليل : النُّحَاسُ هنا هو : الدُّخَانُ الذي لا لَهَبَ له ، ونقله أيضاً أبو البقاء وغيره ، انتهى .