{ يا معشر الجنّ } أي : يا جماعة فيهم الأهلية والعشرة والتصادق { والإنس } أي : الخواص والمستأنسين والمأنوسين المبني أمرهم على الإقامة والاجتماع { إن استطعتم } أي : وجدت لكم إطاعة الكون في { أن تنفذوا } أي : تسلكوا بأجسامكم وتمضوا من غير مانع يمنعكم { من أقطار } أي : نواحي { السماوات والأرض } هاربين من الله تعالى من أنواع الجزاء بينكم ، أو عصياناً عليه في قبول أحكامه وجري مراداته وأقضيته عليكم من الموت وغيره . وقوله تعالى : { فانفذوا } أمر تعجيز والمعنى : إن استطعتم أن تجوزوا نواحي السماوات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا ، يعني لا مهرب لكم ولا خروج لكم عن ملك الله تعالى أينما تولوا فثم ملك الله عز وجلّ .
فإن قيل : ما الحكمة في تقديم الجنّ على الإنس هاهنا ، وتقديم الإنس على الجنّ في قوله تعالى : { قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن } [ الإسراء : 88 ] أجيب بأنّ النفوذ من أقطار السماوات والأرض بالجنّ أليق إن أمكن والإتيان بمثل القرآن بالإنس أليق إن أمكن فقدم في كل موضع ما يليق به .
فإن قيل : لم جمع في قوله تعالى : { سنفرغ لكم } وفي قوله تعالى : { إن استطعتم } وثنى في قوله { أيه الثقلان } أجيب : بأنهما فريقان في حال الجمع كقوله تعالى : { فإذا هم فريقان يختصمون } [ النمل : 45 ] { وهذان خصمان اختصموا في ربهم } [ الحج : 19 ] .
{ لا تنفذون } أي : لا تقدرون على النفوذ { إلا بسلطان } أي : إلا بقوّة وقهر وأنى لكم ذلك ؟ وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال معناه إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض فاعلموا ولن تعلموا إلا بسلطان أي بينة من الله تعالى .
تنبيه : في هذه الآيات والتي في الأحقاف وفي قل أوحى دليل على أنّ الجنّ مكلفون مخاطبون مأمورون منهيون مثابون معاقبون كالإنس سواء مؤمنهم كمؤمنهم وكافرهم ككافرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.