في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

21

ثم مضوا في نذارتهم لقومهم في حماسة المقتنع المندفع ، الذي يحس أن عليه واجبا في النذارة لا بد أن يؤديه :

( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ، يغفر لكم من ذنوبكم ، ويجركم من عذاب أليم ) . .

فقد اعتبروا نزول هذا الكتاب إلى الأرض دعوة من الله لكل من بلغته من إنس وجن ؛ واعتبروا محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] داعيا لهم إلى الله بمجرد تلاوته لهذا القرآن واستماع الثقلين له : فنادوا قومهم : ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ) . .

وآمنوا كذلك بالآخرة ، وعرفوا أن الإيمان والاستجابة لله يكون معهما غفران الذنب والإجارة من العذاب . فبشروا وأنذروا بهذا الذي عرفوه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

داعي الله : رسول الله صلى الله عليه وسلم .

من يجِرْكم : من ينقذكم .

فآمِنوا به يغفرْ لكم من ذنوبكم . يا قومنا أَجيبوا داعي الله الذي يهدي إلى الحق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

فلما مدحوا القرآن وبينوا محله ومرتبته دعوهم إلى الإيمان به ، فقالوا : { يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ } أي : الذي لا يدعو إلا إلى ربه لا يدعوكم إلى غرض من أغراضه ولا هوى وإنما يدعوكم إلى ربكم ليثيبكم ويزيل عنكم كل شر ومكروه ، ولهذا قالوا : { يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } وإذا أجارهم من العذاب الأليم فما ثم بعد ذلك إلا النعيم فهذا جزاء من أجاب داعي الله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

قوله تعالى : { يا قومنا أجيبوا داعي الله } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، { وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم } من صلة ، أي ذنوبكم ، { ويجركم من عذاب أليم } قال ابن عباس رضي الله عنهما : فاستجاب لهم من قومهم نحو من سبعين رجلاً من الجن ، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقوه في البطحاء ، فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم ، وفيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثاً إلى الجن والإنس جميعاً . قال مقاتل : لم يبعث قبله نبي إلى الإنس والجن جميعاً . واختلف العلماء في حكم مؤمني الجن ، فقال قوم : ليس لهم ثواب إلا نجاتهم من النار ، وتأولوا قوله : { يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم } وإليه ذهب أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه . وحكى سفيان عن ليث قال : الجن ثوابهم أن يجاروا من النار ، ثم يقال لهم : كونوا تراباً ، وهذا مثل البهائم . وعن أبي الزناد قال : إذا قضي بين الناس قيل لمؤمني الجن : عودوا تراباً فيعودون ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر : { يا ليتني كنت تراباً } ( النبأ-40 ) . وقال الآخرون : يكون لهم الثواب في الإحسان كما يكون عليهم العقاب في الإساءة كالإنس ، وإليه ذهب مالك وابن أبي ليلى . وقال جرير عن الضحاك : الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون . وذكر النقاش في تفسيره حديث أنهم يدخلون الجنة . فقيل : هل يصيبون من نعيمها : قال : يلهمهم الله تسبيحه وذكره ، فيصيبون من لذته ما يصيبه بنو آدم من نعيم الجنة . وقال أرطأة بن المنذر : سألت ضمرة بن حبيب : هل للجن ثواب ؟ قال : نعم ، وقرأ : { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } ( الرحمن- 56 و74 ) ، قال فالإنسيات للإنس والجنيات للجن . وقال عمر بن عبد العزيز : إن مؤمني الجن حول الجنة ، في ربض ورحاب ، وليسوا فيها ، يعني في الجنة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

" يا قومنا أجيبوا داعي الله " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدل على أنه كان مبعوثا إلى الجن والإنس . قال مقاتل : ولم يبعث الله نبيا إلى الجن والإنس قبل محمد صلى الله عليه وسلم . قلت : يدل على قوله ما في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وجعلت لي الأرض طيبة طهورا ومسجدا فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر وأعطيت الشفاعة ] . قال مجاهد : الأحمر والأسود : الجن والإنس . وفي رواية من حديث أبي هريرة " وبعثت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون " .

قوله تعالى : " وآمنوا به " أي بالداعي ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : " به " أي بالله ، لقوله : " يغفر لكم من ذنوبكم " . قال ابن عباس : فاستجاب لهم من قومهم سبعون رجلا ، فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقوه بالبطحاء ، فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم .

مسألة : هذه الآي تدل على أن الجن كالإنس في الأمر والنهي والثواب والعقاب . وقال الحسن : ليس لمؤمني الجن ثواب غير نجاتهم من النار ، يدل عليه قوله تعالى : " يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم " . وبه قال أبو حنيفة قال : ليس ثواب الجن إلا أن يجاروا من النار ، ثم يقال لهم : كونوا ترابا مثل البهائم . وقال آخرون : إنهم كما يعاقبون في الإساءة يجازون في الإحسان مثل الإنس . وإليه ذهب مالك والشافعي وابن أبي ليلي . وقد قال الضحاك : الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون . قال القشيري : والصحيح أن هذا مما لم يقطع فيه بشيء ، والعلم عند الله .

قلت : قوله تعالى : " ولكل درجات مما عملوا " {[13882]} [ الأنعام : 132 ] يدل على أنهم يثابون ويدخلون الجنة ، لأنه قال في أول الآية : " يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي " {[13883]} إلى أن قال " ولكل درجات مما عملوا " [ الأنعام :130 ] . والله أعلم ، وسيأتي لهذا في سورة " الرحمن " مزيد بيان إن شاء الله تعالى .


[13882]:آية 132 سورة الأنعام.
[13883]:آية 130 سورة الأنعام.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

{ داعي الله } هو رسول الله صلى الله عليه وسلم .

{ يغفر لكم من ذنوبكم } من هنا للتبعيض على الأصح أي : يغفر لكم الذنوب التي فعلتم قبل الإسلام ، وأما التي بعد الإسلام فهي في مشيئة الله ، وقيل : معنى التبعيض أن المظالم لا تغفر وقيل : إن من زائدة .

{ ويجركم من عذاب أليم } أي : من النار ، واختلف الناس هل للجن ثواب زائد على النجاة من النار ، أم ليس لهم ثواب إلا النجاة خاصة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

ولما أخبروهم بالكتاب وبينوا أنه من عند الله وأنه أقرب موصل إليه ، فكان قومهم جديرين بأن يقولوا : فما الذي ينبغي أن نفعل ؟ أجابوهم{[59114]} بقوله : { يا قومنا } الذين لهم قوة العلم والعمل { أجيبوا داعي الله } أي الملك الأعظم المحيط بصفات الجلال والجمال والكمال ، فإن دعوة هذا الداعي عامة لجميع الخلق ، فالإجابة واجبة على كل من بلغه أمره .

ولما كان المجيب قد يجيب في شيء دون شيء كما كان أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، {[59115]}عطفوا في خطابهم لهم في الدعوة أن{[59116]} قالوا : { وآمنوا به } أي أوقعوا التصديق بسبب الداعي لا بسبب آخر ، فإن المفعول معه مفعول مع {[59117]}من أرسله وهو{[59118]} الله {[59119]}الذي جلت قدرته{[59120]} وآمنوه من كل تكذيب ، أو{[59121]} الضمير للمضاف إليه وهو الله-{[59122]} بدليل قولهم{[59123]} : { يغفر لكم } : {[59124]}فإنه يستر ويسامح{[59125]} { من ذنوبكم } أي الشرك وما شابهه مما هو حق لله تعالى {[59126]}أي وذلك الستر لا يكون إلا إذا حصل منكم الإجابة التامة والتصديق التام{[59127]} وأدخلوا " من-{[59128]} " إعلاماً بأن مظالم العباد لا تغفر إلا بإرضاء{[59129]} أهلها وكذا ما يجازى به صاحبه في الدنيا بالعقوبات والنكبات والهموم ونحوها مما أشار إليه قوله تعالى

{ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }[ الشورى : 30 ] { ويجركم } أي يمنعكم {[59130]}إذا أجبتم{[59131]} منع الجار لجاره لكونكم بالتحيز إلى داعيه صرتم من حزبه { من عذاب أليم * } واقتصارهم على المغفرة تذكير {[59132]}بذنوبهم لأن{[59133]} مقصودهم الإنذار لا ينافي صريح قوله{[59134]} في هذه السورة-{[59135]} { ولكل درجات مما عملوا }[ الأنعام : 132 ] في إثبات الثواب ، ونقله أبو حيان{[59136]} عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لهم ثواب وعليهم عقاب يلتقون في الجنة ويزدحمون على أبوابها .


[59114]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: أجابهم.
[59115]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59116]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59117]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59118]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59119]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59120]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59121]:في ظ و م ومد وفي الأصل:فإن.
[59122]:زيد من ظ و م ومد.
[59123]:في ظ و م ومد: قوله.
[59124]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59125]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59126]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59127]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59128]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59129]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59130]:زيد من مد.
[59131]:من م ومد، وفي الأصل و ظ:برضاه-كذا.
[59132]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: لذنوبهم الآن-كذا.
[59133]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: برضاه-كذا.
[59134]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: قولهم.
[59135]:زيد من م ومد.
[59136]:في البحر المحيط.